قد تبنون سكنا، فتضعون لبنة فوق أخرى فيستقيم المبنى ويستقر. لكنكم في “الخدمة الإيمانية” تعملون مع الإنسان. والإنسان لديه استعداد هائل للانزلاق في أي لحظة. إنكم تنجزون عملا مع أناس تتركونهم يسيرون خلف جبريل عليه السلام، وفجأة تجدونهم قد نكصوا وصاروا يسيرون وراء الشيطان. التوقف انهيار. إن توقفتم في حياتكم الفردية أو الاجتماعية ينهار كل شيء. إن توقفتم في خدمتكم الإيمانية ينهار كل شيء. يقول تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا). كم من أناس نجحوا كما نجحتم وأنجزوا كما أنجزتم. لكن خذلهم مَن خَلَفهم، فلم يحافظوا على إنجازاتهم. خلف هؤلاء الطيبين قومٌ لا جدية في صلاتهم، ولا صدق في علاقتهم مع الله، أسرى الهوى والشهوات، يعيشون من أجل إشباع أبدانهم وإرضاء أجسامهم، فتدحرجوا في مهاوي الغي والضلال. من السهل أن تكونوا شيئا، ولكن الحفاظ على ذلك الشيء صعب جدا. قد تكونون من السابقين في الدعوة، فيأخذكم الغرور والتباهي، وتعملون على فرض أنفسكم على الآخرين، تقولون: “على الجميع أن يسمعني ويطيعني”.
تعملون وتعملون، لكن لا تبدو أي نتيجة في الأفق، تمشون وتمشون لكن لا يبدو النور في الطرف الآخر من النفق. تشعرون بالإحباط فتتراجعون، بينما لم يبق سوى خطوة واحدة، صُرّوا على أسنانكم وتقدموا خطوة أخرى، فإذا بالنور أمامكم سيحتضنكم. قد تهتز ثقتكم في لحظة ما عندما لا يؤدي عملكم إلى نتيجة. تقولون: “ها نحن نعمل منذ سنين، نسعى نكدح، لكن أين النتيجة؟” ما لكم أيها الناس؟ النتيجة ليست من مسؤوليتكم، وليست في وسعكم أصلا. النتيجة في ذمة الله. قوموا بواجبكم ولا تتدخلوا بشؤون الربوبية. أدوا وظيفتكم ولا تتدخلوا في شأن الله، لكن أكثر الناس يخطئون.