إذا أردنا أن نسير إلى المستقبل المشرق الذي نحلم به بخطوات واثقة، ينبغي أن ننتبه إلى قضايا في غاية الأهمية والحيوية، وهي؛
- ينبغي على الأمة جميعًا وبالأخص على النخب والمثقفين منها، أن يؤسّسوا “سَلامًا” بينهم وبين تاريخهم.
- ينبغي أن يتم التخطيط لكل حركة تجديدية وعملية تغييرية وُضِعت من أجل إنشاء المستقبل، بناءً على مقوماتنا التاريخية وجذورنا الروحية.
ينبغي على الأمة جميعًا وبالأخص على النخب والمثقفين منها، أن يؤسّسوا “سَلامًا” بينهم وبين تاريخهم.
- ينبغي ألا تُشوَّه قضية حيوية كهذه بأغراض سياسية وألا تُلوَّث بمطامع فردية أو مصالح فئوية.
- يجب أن يوضع في الحسبان أن المساعي والجهود التي تصبّ في هذا الاتجاه قد تعترضها بعض المضاعفات الجانبية المفاجئة حتى وإن تم اتخاذ كل التدابير اللازمة. ومن ثَمَّ ينبغي السير بحكمة وبصيرة؛ كما ينبغي عدم إتاحة الفرصة لعواطف طفولية طائشة قد تبدر من بعض الشباب العابث، أو لتصرفات غير مسؤولة قد تصدر عن بعض عشاق المغامرات؛ بل حتى لو أُهِينت كرامتُنا، فسوف نكبح جماح عواطفنا، ونُحكم السيطرة على أَزِمّة انفعالاتنا، ونَصُرّ على أسناننا، ونحتمي بالصبر، إكرامًا لغايتنا السامية وآمالنا المنشودة.
- قبل أن نهدم بنيانًا ما، ينبغي أن نكون قد حسمنا قرارنا حول ما سيُبنَى مكانه. فإذا كان ذلك واضحًا وضوحًا تامًّا، عندئذ يمكن الشروع في هدم البنيان القديم المتداعي. وإنّ مبدأنا في هذا الشأن هو “نَهدم لِنَبْني”، ومن ثَمَّ فقبل أن نضرب أول معول على المبنى الذي نريد هدمه، ينبغي أن يكون “نموذج البنيان الجديد” جاهزًا حاضرًا أمام أعيننا.
- إن جميع القرارات وكافة الأفعال المتعلقة بأي مشروع في هذا الإطار، ينبغي أن تُزوَّد بالعلم والخبرة والمعرفة والتخطيط؛ وكل مسعى وكل مبادرة ينبغي أن تدعم بالدراسات العميقة والبحوث الدقيقة والاستيعاب الشامل حتى لا نقع في دائرة مفرغة من الهدم والبناء.
إننا اليوم في مفترق طرق وعلى “ملتقى قدَري” مرة أخرى. ففي ظل الموقف الحرج الذي نعيشه والموقع الدقيق الذي نوجد فيه، إذا استطعنا أن نستثمر المرحلة الزمنية التي نمر منها بأفكار عظيمة ومشاريع عملاقة ورؤى بعيدة المدى وعزيمة كعزيمة الأنبياء، فإن فرصتنا في رجحان كفة ميزان “الملتقى القدَري” لصالحنا أسنح بكثير -بالمقارنة مع الأمم الأخرى في العالم- لكي يبزغ نجم سعدنا متألقًا في الآفاق.
إن جميع القرارات وكافة الأفعال المتعلقة بأي مشروع إصلاحي، ينبغي أن تُزوَّد بالعلم والخبرة والمعرفة والتخطيط.
إننا اليوم نعاني من مآس حقيقية، وهشاشة اجتماعية واقتصادية، ناهيك عن الفوضى التي لا تسأم بؤرُ الفساد الداخليةُ والخارجية من إثارتها واستفزازها.
لكنني على يقين تام بأننا قادرون على تجاوزها. إذ إن سنة الله اقتضت ألا تستمر وتيرة السقوط والتراجع إلى الأبد، وألا تسير عجلة الأحداث والوقائع في اتجاه واحد قط، وألا يمتد سلطان الليالي إلى أبد الآباد.
فكم من مَرة دار الزمان دورته، فتألقت خرائب الديار بلآلئ العمران من جديد، وعادت يد الأحداث -التي تسير في خط دائري- توزع أزهار البسمات على البؤساء الذين أبكتهم فيما مضى، وانهزمت ظلمات الليل أمام ضياء النهار مدحورة مقهورة، ودوّت جنباتُ الكون مهللة بضحكات النور الساطعة.
المصدر: مجلة حراء، العدد ٤٢، المقال الرئيس
ملاحظة: عنوان المقال من تصرف محرر الموقع