Reader Mode

في رسالة تعزية مؤثرة نعى فيها المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن رفيق دربه المياردير التركي الأستاذ علي كروانجي، أحد أهم رجال الرعيل الأول من رجالات الخدمة، الذين تأثروا بأفكار كولن وخطبه ومواعظه. عبَّر كولن فيها عن تأثره الشديد وحزنه العميق بمجرد سماع خبر وفاة صديقه القديم الوفي والمضحي الأستاذ علي كروانجي وهو في ديار الغربة بجنوب أفريقيا، بعيدا عن وطنه بسبب ما تعرض له من ظلم وغدر كآلاف المظلومين.

وجاء في نص رسالة التعزية:

“لقد ضربت موجاتٌ من الحزن والأسى قلبي حتى تشبع ألمًا، إثر معرفتي بنبأ وفاة الصديق القديم الوفي والمضحي الأستاذ “علي كروانجي” وهو في ديار الغربة بعيدًا عن وطنه بسبب ما تعرض له من ظلم واضطهاد هو والآلاف من أمثاله.

وإنني أشهد له -منذ عرفته- بأنه كان نموذجًا يحاكي سيدنا عثمان -رضي الله عنه- في وفائه وإخلاصه وعشقه المطلق لخدمة الإنسانية، وأشهد له أيضًا بأنه لم ينحرف عن ذلك الدرب قيد أنملة، بل ظل مستقيما على هذا الطريق حتى آخر أنفاسه. وكما قدّم مثالاً يُحتذى في سعيه للخير داخل تركيا، فقد واصل -رحمه الله- سعيه الدؤوب وعطاءه النبيل لنشر رسالة الخير خارج تركيا أيضًا، فقد كان وسيلة لبناء “الكلية النظامية” في جنوب أفريقيا وغيرها الكثير من المؤسسات الخدمية التي أحلته محلاً رفيعا في قلوب مواطني جنوب أفريقيا.

وكما كان مثالاً يحتذى في البذل والتضحية والعطاء كان نموذجًا أيضًا في الصبر الجميل على الأذى والاضطهاد، فعندما صادر النظام التركي كافة أمواله وممتلكاته داخل تركيا، لم يكن منه إلا أن قال: الحمد لله الذي أنقذني من السؤال عن كل هذه الأموال والممتلكات يوم الحساب، وأنا في الأصل رجل مسكين، فكل ما امتلكته من أموال وعقارات أعطانيها الله عز وجل، واليوم هو من أخذها، فله الحمد على كل شيء”. بهذا التسليم المطلق لأمر الله تعالى ضرب لنا مثالا يحتذى به، ورحل عنا إلى عالم أفضل.

وإنني إذ يغمرني شعور بالحزن العميق لأني لم أكن بجواره أثناء انطلاقه للقاء الأحبة، أضرع إلى الله الرحمن الرحيم أن يتغمده بالرحمة والمغفرة، وأن يشرفه بالنزول في أعلى الفراديس. كما أسأله تعالى أن يلهم أولاده وأحفاده وأقاربه وكل محبيه الصبر الجميل، وأن يربط على قلوبنا جميعًا.”

محمد فتح الله كولن.