Reader Mode

قال الله تعالى: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً﴾(الْكَهْف:50)
استند بعضهم إلى عبارة “ذريته”فقالوا إن للشيطان زوجة وأولاداً. لذا أرى من المفيد ذكر موضوعين صغيرين:
1- حتى لو كان للشيطان زوجة وأولاد فهذا متعلق بعالم آخر مختلف تمام الاختلاف عن عالمنا. فكما نرى أنفسنا في المنام ونحن نأكل أو نشرب أو نمرض أو نتزوج، ويحصل هذا في عالم المنام والأحلام وهو عالم آخر. لذا يجب فهم ذرية الشيطان على ضوء هذا المنطق. ألا يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن العظام رزق الجن؟ حين يقول: “لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن”هذا مثال على وجود عالم آخر ذي أبعاد مختلفة عن عالمنا.
2- ليس من الضروري حمل كلمة “الذرية”على معناها الحقيقي والحرفي. فكما يمكن أن يكون معناها الذرية حسب معناها الذي نعرفه، كذلك يمكن أن تأتي بمعنى نسل وذرية الإنس. وهناك أحاديث نبوية وحقائق اجتماعية وتاريخية تسند هذا المعنى. فمثلاً عندما يقوم الرسول صلى الله عليه وسلم بتوجيه الأزواج إلى دعاء معين في أثناء الجماع، يقول بأن الطفل المولود منه سيكون في حرز من الشيطان. ومن المحتمل أن المسلمين في عهد من العهود عندما كانوا يقرأون هذا الدعاء جاء نسل طاهر خدم الإسلام والمسلمين والقرآن. ثم عندما غفلوا عنه أو عندما ابتعدوا عن الإسلام وعن الحياة الإسلامية نشأ جيل شيطاني، أو بالتعبير الشعبي الشائع نشأ جيل يستطيع خداع الشيطان نفسه.
لذا نرى حمل عبارة “ذرية الشيطان”على المعنى المجازي لأنه من الممكن أن نفهم هذا المعنى على أساس أن الإنسان مع كونه إنساناً إلا أنه يستطيع أن يفكر تفكير الشيطان ويتصرف تصرف الشيطان، والقرآن الكريم يشير إلى هؤلاء بأنـهم ﴿كَانُوا إخْوانَ الشّيَاطِين﴾ (الإسراء: 27) .

المصدر: فتح الله كولن، أضواء قرآنية في سماء الوجدان، دار النيل لطباعة والنشر، القاهرة.