من الأمور التي لا بدّ من مراعاتها أيضًا الثبات على الاستقامة، فقد يوجّهنا الحق سبحانه وتعالى إلى طريق مستقيم، ولكن لا يكفي سلوك الطريق المستقيم فحسب، بل لا بدّ من مواصلة السير في هذا الطريق حتى النهاية في حيطةٍ وحذر، هناك قول جميل يرويه بعضهم على أنه حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “النَّاسُ كُلُّهُمْ مَوْتَى إِلَّا الْعَالِمُونَ، وَالْعَالِمُونَ كُلُّهُمْ هَلْكَى إِلَّا العَامِلُونَ، وَالعَامِلُونَ كُلُّهُمْ غَرْقَى إِلَّا المُخْلِصُونَ، والمُخْلِصُونَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ”.
وإذا كان لنا أن نطلق اسمًا على هذا الخطر العظيم نقول: خطر الثبات على القمة، من أجل ذلك يجب أن ترتعد فرائصنا أيًّا كانت القمّة التي بلّغنا الله إيّاها خوفًا من أن ننقلب رأسًا على عقِب، لقد هدى الله تعالى أتباع الديانات السماوية السابقة إلى الطريق المستقيم، ولكن وقعت بعض الانحرافات في خطّ الدائرة وتعذّر تلافيها لأن هؤلاء لم يراعوا المبادئ الواضحة في مركز الدائرة، فوُصم بعضُهم بالضالين، وحُكم على الآخرين بأنهم من المغضوب عليهم، ومن ثَمَّ: فإذا كان من الصعب سلوك الطريق المستقيم؛ فالأصعب من ذلك هو مواصلة السير في هذا الطريق.
أجل، من الصعب الوصول إلى القمة لكن الأصعب هو المحافظة على التواجد فيها، وفي هذا السياق يشير الأستاذ النورسي رحمه الله رحمة واسعة إلى “أنّ مَن يهوي من برج الإخلاص ربما يتردّى في وادٍ سحيق إذ لا موضع في المنتصف”.