يرى البعضُ في أيامنا هذه أن الولدَ هو المرتَكَزُ الذي تقوم عليه الأُسَرُ، غير أن الأحرى أن نتساءل: هل نقطة الارتكاز في الأسرة اليوم هي الولد، أم الهوى والرغبة، أم النفس، أم الأنانية؟! كلُّ هذا تساؤلٌ دون حكمٍ قطعيّ ولكن ما نقطعُ به هو أن المرء إن اختار لنفسه نمطَ حياةٍ لا يتماشى مع الأوامر والنواهي الإلهية التي وضعها الدين فقد كثرت نقاط الارتكاز السلبية عنده، وانفتح الباب أمامه لمختلف أنواع الشرك المنافية للتوحيد.
فضلًا عن ذلك فليس من الصحيح وفقًا للأخلاق الإيمانية أن تُبنى سعادةُ الأسرة وتعاستُها على مسألة الإنجاب بل وأن تنشأ الخلافات والنزاعات من أجل ذلك؛ لأنّ مثلَ هذا السلوك -نسأل الله السلامة- يُعبِّر عن عدم الرضا بقضاء الله، والاعتراضِ على القَدَرِ، والتمرُّدِ على الله سبحانه وتعالى.
أجل، إن المشاكلَ الناشئةَ عن عدم الإنجاب -رغمَ أنه من تخصُّصات القَدَرِ- هي أمورٌ لا يرتضيها الله سبحانه وتعالى، ولنذكر دائمًا ولا ننسى أن الولدَ بوجودِهِ أو عدمِه ابتلاءٌ في حدِّ ذاتِهِ، قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (سُورَةُ الأَنْفَالِ: 8/28).
أما الضَّرَرُ في اعتبارِ الولدِ كلَّ شيءٍ، والحبِّ المُفْرِطِ له، وجعله المرتكز الذي تقوم عليه العائلة فإنّه يكمن في التغاضي عن تصرُّفاته السلبية، وعدم البحث عن حلٍّ سويٍّ لهذه المشاكل والسلبيّات، فمثل هذا التصرُّفِ قد يُفضي مع الوقت إلى نشأةِ أبناءٍ غير أسوياء، بيد أن الهدف الأساس في هذا الأمر هو إنجاب طفلٍ صالحٍ مستقيمٍ طاهرٍ على خُلُقٍ حسن، فعلى الأبوين أن يبذلا جهدهما ويقوما بكلِّ ما يلزم للوصول إلى هذا الهدف، ولكن الحقيقةَ الـمُرّة تُشير إلى أن الغالبية العظمى من الأطفال اليوم قد ضاعوا وضلُّوا الطريقَ بسبب انتشارِ الجهلِ في الأسرةِ، والوحشيّةِ في الشارع، وتبلُّد الأحاسيس في دُورِ العِبادَةِ، وافتقارِ التعليمِ إلى الجَودَةِ.