لا تبطلوا ما تقدمونه رمزًا لصدقكم، وبوضوح أكثر لا تبطلوا ما يعبّر عن شهامتكم، ويرمز إلى صدقكم جهرًا أو تلميحًا على سبيل المنة والإحراج. وكذلك التبليغ لا تعرضوه لمصيبة المنة، ولا انطلاقكم بهذه الرسالة إلى أنحاء العالم، ولا انفتاحكم إلى أكثر من مائة وخمسين دولة، أو تأسيسكم لأكثر من ألف مدرسة، بل كلما انهمرت عليكم النعم الربانية كالغيث وبلَّلتكم من أعلى رؤوسكم إلى أخمص أقدامكم، انحنوا كالغصن تواضعًا.
هذا هو مقتضى الشعور بنعم الله، ومقتضى إدراك مواهبة الواسعة، أي الانحناء والسجود تواضعًا. هذا الانحناء اعترافٌ بأن هذه النعم ليست مِنَّا، إنما هي منه سبحانه. هذه الروح، روح النذر هي المحرك الأكبر لأولئك الذين نذروا أنفسهم لخدمة القرآن، ويجب على هؤلاء الناذرين ألَّا يتخلّوا عنها أبدًا.