تقولون مثلاً: لنتلطف ولنأخذ الحذر ولنتأنَّى، لكن يأتيكم بعض المظلومين والمغدور بهم والمهزومين فينزعجون ويحرمونا من ممارسة حقوقنا حين يتعرفون على أفكارنا وعواطفنا الوطنية النبيلة. سيلفقون كلامكم ويقطعونه من أطرافه حتى يُظهرون كأنكم إنما قلتم: اندسوا فيهم واختبئوا بينهم، وليس الأمر كذلك ألبتة. لقد قلت هذا علنًا من قبل، وعلى مسمع من الجميع من على كرسي المساجد، لقد قلت بوضوح: لماذا لا يتجه أبناء هذا الوطن إلا إلى معاهد التحفيظ ومدارس الأئمة والخطباء؟ أليس فذ هذا البلد مجالات ومدارس أخرى متنوعة؟ لماذا هذا الحصر الفكري في دراسة الإلهيات فقط؟ لماذا لا تدرسون الطب والفيزياء والكيمياء؟ لماذا لا توجهون أبناءكم إلى هذه المدراس؟ لما لا توجهون أبناءكم إلى الخدمة المدنيةوإلى الحقوق وإلى العسكرية وإلى الأمن؟ إن هذا الوطن وطننا وأنا ابن هذا الوطن، من الناس من يتباهى اليوم ويتبختر هنا وهناك وهم لم يذوقوا شيئًا من الأذى قط. إن آباءي وأجدادي حاربوا ضد الروس وفي أدرنه ضد البلغار، ولا أقولها فخرًا لقد ترعرعت على سماع بطولاتهم من أجدادي. أما هم فلم يروا ولم يسمعوا ذرة من هذا. لذا قلت بصراحة ووضوح: إن ابن الوطن لا يندس في مؤسسات دولته، بل الاندساس إنما يكون من قِبَل الأجانب، لا أريد أن أتهم أحدًا، ولا أريد أن أقول إنهم كفار أبدًا، بل أقول: إن فلانًا وفلانًا وفلانًا أي إنهم لا ينتسبون إلى هذا الوطن لذا يندسون إلى مؤسسات دولتنا ليلعبوا بقدرها. إن أبناء الوطن لا يندسون في مؤسسات دولتهم، ومن حقهم ممارسة وظائفهم فيها. وها أنا اليوم أُعيد وأُكرر هذا الكلام مرة أخرى: وجّهوا أبناءكم إلى جميع المؤسسات المهمة وليتواجدوا في كل مكان، في معاهد التحفيظ وفي مدارس الأئمة والخطباء وفي كليات الإلهيات وفي الخدمة المدنية وفي الحقوق والأمن وفي العسكرية. مثل (باي تكين) كونوا بين الكواكب والنجوم، وكما في قصة (جوليير) كونوا 20000 فرسخًا أعماق أعماق البحار، في أعماق البحار كونوا! إن هذا كله لا يُعدُّ اندساسًا، ولا يحق لأحد أن يتهم غيره بذلك، أعتقد أن كل هذا ينبعث من جراء إعاقة الفكر، وحين ينضم إعاقة الفكر إلى إعاقة تعبير الفكر يتولد من هذا إعاقة مضاعفة، وعندما تسمع مثل هذا الكلام يظهر لك التناقضات والمخالفات