يُشكِّل صلح الحديبية بُعدًا آخر في مجال فرص الدعوة والتبليغ. فقبول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشروط القاسية للصلح قُوبِل في بداية الأمر من قِبَل بعض الصحابة أمثال سيدنا عمر بن الخطاب –رضي الله عنه –الذي لا يَشك أحد في قوّة ارتباطه بالرسول صلى الله عليه وسلم وتَعلُّقه به – بردود فعل سلبية وباعتراض، وبدا لفترة قلقة أن فرصة الصلح ستضيع.
ولكن الذي حدث هو أن المسلمين استطاعوا في السنة التالية الدخول إلى مكة بكل حرية …هذا الدخول الذي أصبح موضوع حديث أهل مكة لسنة كاملة، مما فتح مغاليق كثير من القلوب للإسلام شيئًا فشيئًا، فأسلم كثير من الشخصيات المهمة في مكة بمحض إرادتهم أمثال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص. وقد لعب دخول هؤلاء إلى الإسلام بمحض إراداتهم ودون أن ينخدش كبرياؤهم دورًا مهمًّا من زاوية الخدمات الكبرى التي أدّوها فيما بعد للإسلام.
كما أن إظهار الصحابة شدة تعلقهم برسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء البيعة لم يغب عن أنظار الوفد المكيّ، مما يسّر تفتُّح القلوب للإسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: فتح الله كولن، النور الخالد محمد مفخرة الإنسانية، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ8، 2013، صـ166