Reader Mode

إن شهر رمضان بِيُمْنه وبركته غنيّ إلى درجة أن كل من يلتجئ إلى ظله يستفيد من ثروته وغناه، ويستطيع الوصول إلى سلطنة الآخرة شابا كان أم شيخا… مؤمنا قويا كان أم واهنا… ذكيا كان أم أحمق… عاقلا كان أم مجنونا… عارفا بما وراء الأستار أم جاهلا به… مؤهلا كان للعمل أم غير مؤهل… مُوَسْوِساً كان أم مقداما لا يبالي بشيء… مخلوقا لكي يكون حاكما وزعيما، أم مخلوقا تابعا ومحكوما… صامدا كان أمام جميع المصاعب، أم فَرقاً يسقط من أول هزة… متشائما يئنّ طوال حياته أم محتفظا بأمله حتى وهو في جهنم… طُفيْليا كان ومعتمدا على الآخرين طوال عمره أم صاحب إرادة لا يفلّها الحديد أمام جميع المصاعب والهموم… أم إنسانا خطط حياته للأكل والشرب والنوم والراحة والكسل فقط. أجل!.. كل هذه الأصناف المختلفة بعضها عن بعض لا بد أن يستفيدوا من الجو النوراني لشهر رمضان وإن كانت الاسـتفادة بمقاييس ودرجات مختلفة، ويتغير شيء فيهم كل حسب حاله ويتميزوا، حتى يصلوا إلى حال وإلى مرتبة أخرى.

رمضان ولياليه النورانية

إن جمال شهر رمضان ونورانيته في العيون المتفتحة لهذا النور، وعظمة معنى الوجود التي يحتويها، تجد صداها السرّي ضمن أطياف معينة وبدرجات مختلفة على هذه المجموعات المختلفة، بروح وطعم وجو ومعنى خاص بهذا الشهر، وتسري في القلوب سريانا لا تستطيع أكثر الرؤوس عنادا أن تقاومه بل تستسلم له.

ليالي شهر رمضان التي تلف بأسرارها كل شيء تكون مؤنسة وحلوة، ونهاره الذي يحتضن مشاعر الإنسان وأفكاره بلطف وحلاوة يكون دافئا وحريري الملمس… تكون الصـدور المؤمنة فوارة بالمشـاعر العميقة… والأصوات الداعية إلى الله تنضح بالحنان… والمعاني التي تعبر عن كل هذا مؤثرة إلى درجة أن الذيـن يستطيعون فتح صدورهم وقلوبهم لشهر الغفران هذا يبتعدون- ولو بشكل مؤقت- عن القلق والهموم ويشعرون بسعادة الجنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة: عنوان المقال، والعناوين الجانبية من تصرف محرر الموقع.

المصدر: محمد فتح الله كولن، ترانيم روح وأشجان قلب، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة.

About The Author

عالِم ومفكِّر تركي ولد سنة 1938، ومَارَسَ الخطابة والتأليف والوعظ طِيلة مراحل حياته، له أَزْيَدُ من 70 كتابا تُرْجِمَتْ إلى 40 لغة من لغات العالم. وقد تَمَيَّزَ منذ شبابه المبكر بقدرته الفائقة على التأثير في مستمعيه، فدعاهم إلى تعليم الأجيال الجديدة من الناشئين والشباب، وَبَذْلِ كلِّ ما يستطيعون في سبيل ذلك.

Related Posts