في هذه الفترة المظلمة اضطر كثير من أحبابكم إلى الهجرة هربا من الظلم، بعضُهم استشهد غرقا في نهر مريج أثناء عبورهم الحدود، وبعضهم في أماكن أخرى. أطفال.. وأمهات.. وآباء.. استشهدوا. مئات من الأبرياء فقدوا أرواحهم وهم يفرون من البطش. كانوا يسعون إلى التقاط أنفاس من أوكسجين الحرية والأمن. استشهد مئات الأبطال.
عندما تنهمر المصائب كالمطر يصعب على الإنسان أن يحافظ على توازنه، لذا يوصي الحبيب بالصبر عند الصدمة الأولى. علينا أن نصبر في لحظة الصدمة. أجل سنصبر مهما تعددت المصائب واشتدت وطأتها.
سنلوذ إلى الله تعالى في كل حين، وسنطرد ما يخطر ببالنا من أفكار سلبية بالاعتماد عليه وحده. بل سنسأل الله تعالى الهداية لمن يسيئون إلينا مهما كلفنا ذلك من ثمن، أجل، نسألك يا رب الهداية لهؤلاء الذين ماتت قلوبهم وطغت أنانيّاتهم، اهدِهم يا رب إلى أفق الإنسانية، ليّن قلوبهم، وإلا، “فعليك بهم”، فنحن لا نقوى على صدّ أذاهم، “عليك بهم” فلا حيلة لنا معهم.
إننا نحن –فدائيي المحبة- نعلن للعالم أجمع أنه لا وقت لنا للخصومة والانتقام حتى لو قدرنا. لن نقارض هؤلاء الذين يقمعوننا ويعتدون علينا بالسلاح ولو بوكزة، لن نردّ عليهم ولو بعبسة، لن نقابلهم ولو بكلمة خشنة، ليس ذلك من طبيعتنا ولا من شيمنا، هم يرضون ذلك لأنفسهم، لكنا سنصون أنفسنا عن ذلك. قطعنا عهدا على أنفسنا: لن نجاريهم. ولن ننتصر لأنفسنا وإن سحقونا. لن نكون مثلهم وإن قتلونا وأزهقوا أرواحنا. سنرجح الموت عشرات المرات على أن نحذو حذوهم.
هذا سلوك من وضع في الله ثقته، وآثر طريقه عما سواه. سنصبر ونتحمّل، سنضبط أعصابنا ونتحكم في عواطفنا، سنسد منافذ الشيطان كلها سدا محكما، وسنفتح أمام الملائكة كل الأبواب على مصاريعها، وسنستقبل برضا تام كل ما يأتينا منه سبحانه تعالى.