البصيرة هي الوعي الكامل لكل الأمور التي تيسر المشاهدة بنور العلم والتجربة والفراسة والإحاطة بها إحاطة كاملة. فإن كان الإنسان المالك لمثل هذه البصيرة منفتحاً على العالم الآخر فإنه يعد بطلا من أبطال الحقيقة وشخصاً يحاول أن يصل إلى مرتبة الإنسان الكامل.
***
العقل منبع مهم للعلم. أما البصيرة فمنبع مهم للمعرفة أو العرفان. فالذي يملك عقلاً ولا يملك بصيرة قد يعرف أشياء كثيرة ويفهم أشياء كثيرة إلاّ أنه لا يستطيع أن يصل بمعلوماته إلى شيء.
***
إذا كانت البصيرة معرفة الشيء على حقيقته أو قريباً منه، إذن فليس شرطاً أن يكون كل شخص عاقل ذا بصيرة.
***
العقل المحروم من البصيرة يكون غارقاً في التردد وعدم الاستقرار. أما عالم البصيرة فهو عالم دافئ ومستقر يشع طمأنينة وأمناً.
***
إذا كانت البصيرة هي المرحلة الأخيرة لإدراك العقل والفكر والدماغ فإنها المرحلة الأولى لإدراك الروح. وذروة البصيرة هي الحكمة التي قال في حقها القرآن الكريم ﴿ومن يُؤْتَ الحكمةَ فقد أوتي خيراً كثيراً﴾.
***
الذين ينظرون إلى الوجود بأعينهم فقط، لا يدركون من الوجود إلا ما تراه أعينهم. أما أصحاب البصيرة فهم ينقبون عن أسرار الأشياء ليستخرجوا منها المعاني مثلما تقوم النحل بجمع رحيق الأزهار لصنع العسل.
***
عندما تنظر العين ترى صور الأشخاص وسيماءهم وقاماتهم. أما البصيرة فتحدس وراء كل هذه المظاهر الأخلاق والفضيلة ودرجة النضج الروحي فيهم.
***
العيون ترى في الأشياء والحوادث وجوهها الظاهرية وجوانبها المادية. أما البصيرة فترى الوجوه الباطنية لها مثل الحكمة والغاية والفائدة والمحتوى.
***
كما أن البصيرة لا تعني العقل فهي ليست التفكير أيضا. فكما أن الفكر يتجاوز العقل وثمرات العقل، كذلك فالبصيرة نعمة وملكة إلهية تتجاوز الفكر.
***
ما يميز الإنسان عن الحيوان هو كونه مظهراً للشعور والبصيرة ومن ثم الإلهام والحكمة. فمن حُرم من هذه الصفات لا يعدّ واصلاً إلى المستوى اللائق بالإنسان مهما كان شكله ومظهره.
</ div>