في جواب الأستاذ كولن على غلوّ الحكومة التركية في توجيه العديد من الافتراءات إلى فضيلته واستخدام رئيس الوزراء التركي أقبح العبارات في حقه.. ورغم ذلك آثر الأستاذ كولن الصمت قال الأستاذ كولن:
“بالتأكيد تألمتُ كثيرًا وحزنتُ.. في حقيقة الأمر لم أجد تفسيرًا معقولًا -حتى اللحظة- لِما يدّعون. فبناء على أي دليل يتحدثون بهذه الثقة، لم أفهم. تلك العبارات القبيحة، وتلك الجرائم التي أسندوها إلينا، لا أذكر أن مثيلاتها قد وُجّهت حتى من قِبل أهل الكفر إلى أهل الإيمان طوال التاريخ الإسلامي. أُصبتُ بإحباط كبير، لأنها لم تكن لائقة على لسان قائليها. أتأدب من القول إنهم يكذبون، بل أفضّل أن أقول يضلّلون الناس بقضايا مناقضة للواقع.
لا أذكر أن مثل هذه الافتراءات قد وُجّهت حتى من قِبل أهل الكفر إلى أهل الإيمان طوال التاريخ الإسلامي.
ولكن واسيتُ نفسي على النحو التالي، قلتُ: في كل زمان -ولا سيما في زمن الفتن- تعرّض الأبرياءُ لتشويه سمعتهم، وأهينت كرامتهم، كما أن بعض الناس الذين لم يستوعبوا حقيقة ما يحدث، كانوا شركاء في ذلك الإثم بعلم أو بغير علم. مَن نحن أصلًا حتى نشكو؟ فقد افتروا على أمِّنا عائشة في العهد النبوي السعيد، بل وأكثرُ من ذلك، فقد افترى الملحدون على الله كذبا، والقرآن يذكر افتراءاتهم في آيات عديدة، ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ﴾ (سُورَةُ البَقَرَةِ: 2/116) حاشا لله، ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ﴾ (سُورَةُ النَّحْلِ: 16/57) حاشا لله. وكم أتألم، وكم تحزّ في قلبي مثل هذه العبارات البشعة التي قيلت في حق الله –تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-. فإذا ارتُكتبت هذه الجرائم في حق الله، ورسوله، وفي حق العلماء والصالحين عبر التاريخ، فكيف ينزعج -هذا القطمير- عندما يتعرض لشيء مماثل من قِبل بعض أهل الإيمان؟ نعم، بمثل هذه الأفكار أحاول أن أسرّي عن نفسي.
في الحقيقة، كلٌّ يعمل على شاكلته. مَن مَلك قابليةَ الظلم، ظَلَم. وبما أننا لا نملك نواجذ للعضّ، فلا يمكننا أن نعضّ أحدًا. ولكن لا نشكو.. فهم يظلمون ويتمادون في الظلم، أما نحن فسنبقى صابرين يقظين حذرين، وسنضرع إلى الله تعالى من أجلهم، نسأله أن يعامِل بالرحمة والمغفرة من كان عنده قابلية للرحمة والمغفرة، ونرجوه أن ينجيهم من السير في الطريق الخطأ. ولا شك أن التعرض لألوان شتى من الافتراءات والمؤامرات، هو قَدَرُ السائرين في هذا الدرب في كل عصر، وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وحينما تسود البصيرة والفراسة -مع مرور الوقت- فإن الغبش والضبابية وكافة السلبيات ستزول تلقائيًّا. فليس ثمة افتراء ولا مؤامرة قادرة على الصمود أمام الحكمة والبصيرة. وكم كنتُ أرجو من هؤلاء الذين انجرفوا وراء هذه الأوهام والمؤامرات، أن يحاولوا إعادةَ النظر -في ضوء الكتاب والسنة- في الطريق التي سلكوها.
المصدر: كلمات شاهدة، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ1، 2015م، ص49ــ50
ملاحظة: عنوان المقال من تَصرُّف محرِّر الموقع.