أمر آخر مهم خدع الداروينيين وقادهم إلى الوهم، وهو قيامهم بالنظر من زوايا عدة فروع مختلفة من العلوم إلى نقطة واحدة لمسألة ما. بينما يجب ألا يقع أي علم من العلوم في تناقض مع علم آخر في هذا الكون في أي موضوع من مواضيع النظام في عالم الجماد أو الحياة في هذا الكون ولا سيما في عالم الأحياء. أي يجب ألا تتناقض علوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم النبات وعلم الحيوان والجيولوجيا وعلم المتحجرات فيما بينها عند القيام بتفسير الوجود.
ولكن عندما نقوم بأي بحث من البحوث، أو بأي تجربة من التجارب في حقل أي علم من العلوم أو في أي فرع من فروع الحياة فنحن لا نتخذ الطفرات ولا التكيف ولا الانتخاب الطبيعي كسند، أو كقاعدة لهذه الأبحاث والتجارب. إن القوانين التي نكتشفها في الكون وفي الحياة لا تستند إلى الطفرات، أو إلى الانتخاب الطبيعي… الخ.
أي إن 99 % من الأسماء التي نطلقها على الإجراءات الإلهية التي أدت إلى ظهور الحياة واستمرارها، تعمل ضمن نظام معين مستمر منذ ملايين السنوات على المنوال نفسه، ونحن نقوم بأبحاثنا وبتقويمنا وتفسيرنا للظواهر استناداً إليه. فمثلاً نقوم بالاستعانة بعلم العقاقير (pharmacolocy) وبعلم الطب الوقائي بصنع الأدوية والعقاقير. وعند النظر في تأثيرها وطرق استعمالها لا نأخذ بنظر الاعتبار أن البكتريات المسببة للأمراض قد تتطور وتنقلب إلى أنواع أخرى.
وعندما تكون هذه المسألة موضوع بحث عند التطوريين الذين زعموا أن هذه البكتريات تطورت في السابق، نرى أنهم بذلوا جهوداً كبيرة لتكرار وإعادة مثل هذه التطورات فيها، ولكن عندما يكون الموضوع موضوع علم العقاقير أو إلى علم الطب نراهم لا يؤمنون بمثل هذه التطورات، ولا يأخذون التطور ولا النظريات الأخرى المستندة إليه بنظر الاعتبار. ولا نتوقع في المضادات الحيوية التي نستعملها ضد الأمراض أن تقوم جراثيم مرض الجذام بالتحول عن طريق الطفرات إلى جراثيم مرض السل، أو تحول بعضها إلى جراثيم الكوليرا، ولا نفكر هكذا أبداً. كما يستند الطب الوقائي إلى قاعدة قيام الجراثيم بالمحافظة على ماهيتها.
أجل!.. فكما زود الله تعالى كل كائن حي بآلية الدفاع عن نفسه، كذلك قد تقوم البكتريا ببعض الطفرات داخل النوع عند تعرضه لبعض أنواع الأدوية. ولكن هذا التغير يكون محصوراً فقط في إطار القيام بزيادة قدرته الدفاعية وتطوير نظام المناعة عنده. ولا تؤدي هذه التغيرات الصغيرة إلى طفرات تغير في نوع هذا الكائن، فهذا مستحيل. ثم إن هذه الكائنات كائنات مجهرية. والتغير الذي يصيبها في ثلاثين سنة يعادل ملايين السنين لدى الإنسان. وإذا كان من غير الممكن حصول تغير في النوع عند هذه الكائنات الصغيرة في ثلاثين عاماً، فهذا يدل على أن عمر الأرض لا يكفي لحصول التطور. هذا علماً بأن العلم أثبت أن الطحالب الزرقاء والخضراء التي تعيش في البحار كانت موجودة قبل خمسين مليون سنة.
إذن دع عنك موضوع الثلاثين سنة فإن هذه الأحياء لم يصبها أي تغير أو تبدل خلال خمسين مليون سنة، وهي اليوم كما كانت في السابق.