سؤال: ما هي مهام المسجد في عصر السعادة؟ وما الأمور التي لا بدّ أن نراعيها حتى يتسنى لنا إعادة صياغة مساجدنا في الوقت الحالي على نفس الروح التي كانت عليها في عصر السعادة، وذلك من الناحية المعمارية، ومكانتها في الحياة الاجتماعية؟
الجواب: يُطلق على هذه الأماكن المباركة أحيانًا “الجامع”؛ أي الذي يجمع الناس ويحشدهم، وأحيانًا أخرى “المسجد”؛ أي مكان السجود أو موضع السجود، ولكن لا يُطلق عليها “المركَع” أي المكان الذي يُركع فيه، أو “المقام” بمعنى المكان الذي يُقام فيه؛ ورغم أن الركوع والقيام يُعدان ركنين أساسيين في الصلاة فإنه
لا يمكن مقارنتهما بالسجود الذي يُعبر عن أشد حالات القرب من الله سبحانه وتعالى.. وفي هذا يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِد“[1]؛ لأن السجود يجتمع فيه أمران؛ أحدهما: الدلالة على كبرياء الله تعالى وعظمته، وثانيهما: أن الإنسان يعبّر من خلاله عن صِغره ومذلّته، فإذا ما تضافرَ هذان الأمران تجلّت أعظم حالات القربِ من الله تعالى.
أجل، لو أن العبد وضع جبهته على الأرض في تواضعٍ ومحوٍ وخجلٍ، واجتهد في أن يدسّ رأسه في التراب -إن أمكن- حصل القرب من الله تعالى.. وهذه الحالة يمكن التعبير عنها بهذه الكلمات:
الرأس والقدم على السواء.. والسجادةُ تلثم الجبهة الغراء
هذا سبيلك أيها الإنسان.. لترقى وتقترب من ربك المنان[2]
وانطلاقًا من هذه النقطة يمكننا أن نقول إن المسجدَ هو ذلك المكان المبارك الذي يتحرّر فيه الناس من غربتهم، ويهرعون إلى القرب من ربهم، ويعتبرون هذا القرب إكسير حياتهم؛ ولذا نراهم يركضون على الدوام؛ حتى يُفرغوا ما في أرواحهم ويُنفِّسوا
عن مشاعرهم، ويشحنوا فيه طاقاتهم.
المشاكل التي يُفصَل فيها في كنفِ المسجد
وكما ذكرنا سلفًا وانطلاقًا من المعنى اللغوي للجامع فيمكننا أن نستخدم لفظ الجامع لذلك المكان الذي يجتمع به الناس ويحتشدون، ولكننا إن قصرنا اجتماع الناس هذا على أداء الصلاة مع الجماعة فحسب؛ فهذا يعني أننا ضيّقنا محتوى المسألة؛ والحال أن علينا أن نتناول خاصّية الجمع هذا في إطارٍ أوسع، ولا ريب أننا بحاجةٍ إلى النظر بداية إلى عصر صدر الإسلام حتى يتسنى لنا فهم هذه الخاصية وإدراك مهام المسجد المختلفة على نحو أفضل.. فإذا ما نظرنا إلى ذلك العصر الذهبي لألفينا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم يجتمع بالصحابة الكرام رضوان الله عليهم في المسجد لأغراضٍ شتى مثل: تبليغ الرسالة، والتشاور حول بعض المسائل، وإنفاذ القرارات، ووضع حلول للمشاكل الواقعة.. من أجل ذلك يمكننا أن نعتبر الجامع مكانًا يجمع الناس للصلاة وتحلّ فيه العديد من القضايا الإسلامية..
أجل، إن هذا المكان المبارك كان يقوم حسب الحاجة بوظيفة الكتّاب والمدرسة والتكيّة ودار العبادة، فضلًا عن ذلك فالجامع هو ذلك المكان المبارك التي يجتمع فيه الناس لأداء سنّة الاعتكاف، والتجرّد من الأهواء النفسانية والجسمانية، أو كما يقول الأستاذ النورسي رحمه الله؛ “ينسلّون من الحيوانية، ويدَعون المادية، ويدخلون مدارج حياة القلب”[3]، ويواصلون سياحتهم في هذا الفلك.. وعلى ذلك فالجامع ليس مكانًا مخصّصًا للرجال فحسب، بل هو متاحٌ للنساء أيضًا طالما رُوعيت الأصول والآداب، وسَلِم الجوُّ العام؛ لأن المسجد في عصر السعادة كان متاحًا للرجال والنساء على السواء.
ولو أردنا شرحَ هذه الأمور بمزيدٍ من التفصيل نقول: كانت تُعقد في المسجد النبوي حلقاتٌ يجلس فيها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يذكرون الله سبحانه وتعالى بمختلف أسمائه الحسنى وصفاته العليا، كما كانت تُقام في المسجد المجالس العلمية، وعلى رأسها مجلس سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم؛ فكان كل من يأتي إلى المسجد من الخارج ينضمّ لهذا المجلس.. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف في مكانٍ يستطيع الجميع رؤيته من خلاله بارتياحٍ، والحقُّ أن رؤيته صلوات ربي وسلامه عليه تكفي وحدها لحصول الانشراح في النفوس، لأن في الصحبة النبوية انصباغًا بصبغة الحقيقة.
أجل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتّسم بالجدّيّة والوقار، كما كان له حالٌ خاص مع ربه؛ حتى إن الإنسان الذي لا يحمل حقدًا ولا غلًّا لأحد إذا ما رآه أسرع بالإذعان له على الفور، وقال: أشهد أنك رسول الله[4]، وقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يُدركون هذا، ومن ثم كانوا يَتُوقون دائمًا إلى مشاهدته، وإمعان النظر فيه، ويترقّبون نظرات عينيه.. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم بدورِه يفرغ إلهامات قلبه الطاهرة إلى هؤلاء الذين يتطلّعون له ويتوجهون إليه، ويوليهم أهمية بالغة، فقد جاء في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سَلَّمَا، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: “أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى الله فَأَوَاهُ الله، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا الله مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ الله عَنْهُ“[5].. ففي هذا الحديث وقّر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الصحابي الذي اجتاز كلّ الحواجز وحاول جاهدًا أن يصل إلى الحلقة، كما وصفَ الثانيَ الذي اكتفى بالجلوس خلف الحلقة بضعفِ الهمة، أما الثالث الذي غادر المكان لأنه لم يجد فسحة
في الحلقة فقال عنه صلى الله عليه وسلم “فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ“.
الوفود الأجنبية التي كان يستقبلها المسجد النبوي
إضافة إلى هذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل الوفود في مسجده؛ إذ كانت الوفودُ تقدم من كل الأنحاء لرؤيته والاستماع إليه وفهمه والنظر في أحواله، ورغم أنه صلى الله عليه وسلم أعلن المدينة حرمًا فقد كان يستقبل فيها السفراء والوفود، وكما ورد في كتب الصحاح استقبل النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده نصارى نجران، فأقاموا في المسجد النبوي أيامًا يأكلون ويشربون وينامون ويقومون ويقعدون ويؤدون عبادتهم؛ وبذلك أتيحت لهم الفرصة للتعرّف أكثر على نبينا صلى الله عليه وسلم والاطلاع على ليله ونهاره، ورغم أنهم لم يتخلوا كلّيةً عن أفكارهم الثابتة وأحكامهم المسبقة فإن سيدَ الأنام محمدًا صلى الله عليه وسلم استغلّ هذه الفرصة جيّدًا، فاستطاع أن ينفذ إلى قلوبهم، ويُلَيّنها لدرجةٍ ما إزاء الإسلام؛ لأننا في النهاية نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى المباهلة، وقال كما جاء بكتابِ الله تعالى: ﴿تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ (سورة آلِ عِمْرَانَ: 3/61)، خَافُوا وَمَا شَرَعُوا فِيهَا وَقَبِلُوا أَدَاءَ الْجِزْيَةِ[6]، وبعد ذلك ذابوا -كما يقول بديع الزمان النورسي- في الحوض الكبير للإسلام.
وكما رأينا فقد كان للمسجد وظائف واسعة في عصر صدر الإسلام؛ فلقد كان يُعلّم فيه القرآن والسنة، وتوضع فيه أسس علم الفقه من خلال الاجتهادات والاستنباطات، كما كان يُصاغ فيه الفكر الإسلامي المهيأ للانكشاف والتطوّر في المستقبل؛ فالقطرة فيه تُصبح بحرًا، واللّمعة فيه تصير شمسًا، غير أننا مع الأسف أغلقنا أبواب هذه المساجد، واكتفينا بفتحها لأداء الصلوات الخمس فقط.
الفلسفة المعمارية الصالحة للجميع رجالًا ونساءً
إنني شخصيًّا أحمل كلَّ تقديرٍ وتبجيل لكلِّ ما قام به أجدادُنا رحمهم الله؛ فقد أَسْدَوا خدمات عظيمةً عبر العصور للإسلام والمسلمين، ولكنني أرى من القصور أنهم لم يفكروا في أن يكون في مساجدنا أماكن خاصة خالصة للنساء تتوافق مع خصوصيّتهنّ؛ لا يتعرضْن فيها لأعين الرجال، أو يخشين على أنفسهن الوقوع في الحرام، ويتحرّكن فيها في راحة وأمان؟ ولِمَ لَمْ تُنشأ أماكن خاصة لاعتكاف النساء في ناحيةٍ من المسجد، محاطة بسياجٍ من الأمان والخصوصية؟!
أجل، لِمَ حُرمَت النساء من هذه الأماكن وما شابهها؟ لقد كانت النساء في عصر السعادة يقفن في الصلاة خلف الرجال[7]، وإننا هنا لا ندّعي أننا أكثر دقّة وحساسية في مسألة معايشة الدين من سادتنا الأطهار رضوان الله عليهم الذين كانوا يعيشون في عصر السعادة؛ معاذ اللهِ، وإن شوارعَنا وأسواقَنا التي تجري فيها النجاسات والأرجاس، وعالَمَنا القلبي والروحي الذي اسودّ لكثرة ما يحمله من سلبيات ونجاسات ليكفيان في الدلالة على الحالة التي وصلنا إليها.
أجل، إنني أعتبر من القصور في قيام المسجد بوظيفته الكاملة ألّا يلبّي احتياجات النساء بكلّ جوانبها.
إذًا فلنجعل الجماليات الساحرة التي تحويها مساجدنا في وضعٍ خليقٍ بمشاهدة الجميع لها بما في ذلك الأجانب حتى تُتاح لهم فرصة مشاهدة روائع هذه الأماكن المباركة والنواحي الجمالية التي تَبهَر الألباب فيها؛ وحتى يتحقق هذا لا بد أن نهيّئ المجال الذي يمكن من خلاله مناقشةُ ومدارسةُ أيِّ الفلسفات المعمارية التي تبنى عليها مساجدنا، وأيّ المعاني التي تعبّر عنها القباب والمُقَرنَصات والنقوش والرسوم.
آداب الذهاب إلى المسجد والمكث فيه
ثمة آية كريمة في كتاب الله تعالى تشير إلى ضرورة أن تظلّ مساجدنا وجوامعنا مفتوحةً أمام الجميع، يقول تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (سورة الأَعْرَافِ: 7/31)، ولو لاحظنا فقد استخدَمَ القرآنُ الكريم أسلوبَ الخطاب: “يَا بَنِي آدَمَ”، وعدل عن استخدام أسلوب: أيها المسلمون، أيها المؤمنون، أيها المصلّون.. ويمكننا أن نفهم من ترجيح القرآن لهذا الأسلوب وإسناده إلى سيدنا آدم عليه السلام أن القرآن يشير إلى ضرورة أن نفتح أبواب مساجدنا لغير المسلمين أيضًا؛ فلعلّ بعض من يحملون أفكارًا مسبقة حول ديننا وتديُّننا وجوامعنا ومساجدنا يتخلّون عن هذه الأفكار بعد دخولهم مساجدنا واغتباطهم بما فيها مع مرور الوقت، فيهيمون عشقًا لهذا المكان الجميل، ويذوبون في جوّه الدافئ المحتضِن للجميع.
ثم ترشدنا الآية إلى أن نعتني بمظهرنا عند ذهابنا لمساجدنا التي هي محالّ لاجتماعاتنا.. وبتعبير اليوم فإن الإنسان إذا ما أراد أن يذهب لاجتماعٍ ما فلا يذهب بلباسِ عمله، وإنما يعدّ للأمر عُدّته.. وعند النظر إلى الأحاديث الواردة حول صلاة الجمعة خاصة سنجد أنه تمّ تناول الأمر بمزيدٍ من العناية والدقة.. فلقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عند ذهابهم لأداء صلاة الجمعة أن يغتسلوا ويستنّوا ويمسّوا الطيب، ويتخذوا لهم لباسًا خاصًّا للجمعة[8].
ويمكننا أن ننظر إلى المسألة من ناحية أخرى؛ فقد جاء في الحديث أن نفرًا من الأعراب دخلوا المسجد النبوي وعليهم ثيابٌ من صوف بسبب ما يجدونه من الفاقة، فلما اشتدّ الحرّ أخذوا يتصبّبون عرقًا، فانتشرت رائحة الصوف في كل أنحاء المسجد، وعند ذلك فاضت عينا النبي صلى الله عليه وسلم بالدموع، ودعا الصحابة رضوان الله عليهم إلى الصدقة حتى يخلّصوا إخوانهم من الفاقة التي يعيشون فيها، ثم قال: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِذَا جِئْتُمُ الْجُمُعَةَ، فَاغْتَسِلُوا، وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ مِنْ أَطْيَبِ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ“[9].
أجل، بما أن المساجد هي أماكن اجتماعاتنا فلا بدّ أن نتحاشى أن نكون على وضعٍ يثير اشمئزاز الآخرين مِنّا.. كما يجب على المؤمنين أن يتحمّلوا بعض سلبيات الآخرين التي تصيبهم بالأذى أحيانًا مثل العرق ورائحة الفم الكريهة.. ولكن من جانب آخر عليهم ألا يضطروا الآخرين إلى تحمّل مثل هذا منهم، عليهم أن يتناولوا هذا الأمر ببالغ الدقة والعناية.. وسامحوني إن قلت إن على مَن يشكو من رائحة فمه التي تتسبب في أذى الآخرين بسبب ما يشكو منه من التهاب في الحلق أو ارتجاع في المريء أن يسلك طريق العلاج دون أن يُضيّع وقتًا، وأن يجد حلًّا لهذه المشكلة، فمثل هذه الأمور المزعجة تشتت الانتباه والتركيز لدى الإنسان الذي يستغرق في العبادات وقراءة القرآن الكريم.
ولذا فعلى المسلم إن أراد أن يذهب إلى المسجد أن يلبس أجمل ثيابه وأطهرها، ويصيب الطيب إن أمكن، ويحاول أن يكون على هيئةٍ يُغبط عليها.. فمثل هذا السلوك يُعدّ في الوقت ذاته تعبيرًا عن احترامه لإخوانه المؤمنين.. من ناحية أخرى فمن غير اللائق أن تعلو الإنسانَ النجاسةُ أو تنبعث منه رائحة كريهة، فكأنه بذلك يستخفّ بالمكان الذي يكون فيه أقرب إلى ربه سبحانه وتعالى، مع أنه يُصلِح من هندامه عند مقابلة عظيمٍ من الناس.. إن الصلاة هي المثولُ بين يدي الله تعالى، كما أنها معراج المؤمن، فعلى مَن يسلك هذه الرحلة المباركة أن يتحلّى بأعلى درجات الحيطة والحذر، ويفعل كلّ
ما يقتضيه احترامه لربه سبحانه وتعالى.
ثم تجذب الآية الانتباه إلى مسألةٍ أخرى وهي: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، فمثلًا إن قال الإنسان في نفسه: سأذهب إلى المسجد كل يوم بجبّة جديدة، أو سأكوي لباسي كلّ يوم عند الذهاب إلى المسجد؛ فهذا كلُّهُ من قبيل الإسراف.. فالآية توصينا من خلال الحديث عن الأكل والشرب بأن نأخذ بالوسطية في كلّ شيء، وألا نخرج عن حدّ الاعتدال، وألّا نحيد ألبتة
عن الصراط المستقيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
[1] صحيح مسلم، الصلاة، 215؛ سنن أبي داود، الصلاة، 148.
[2] فتح الله كولن: “ريشة العزف المكسورة (Kırık Mızrap)”، ص 382. (ديوان شعري جمع فيه جملة ما كتبه الأستاذ فتح الله كولن من قصائد وأشعار، لم يترجم بعد) (الناشر)
[3] بديع الزمان سعيد النورسي: اللمعات، اللمعة السابعة عشرة، المذكرة الرابعة عشرة، ص 18.
[4] انظر: سنن الترمذي، القيامة، 42؛ سنن ابن ماجه، الإقامة، 147.
[5] صحيح البخاري، العلم، 8، الصلاة، 84؛ صحيح مسلم، السلام، 26.
[6] الرازي: مفاتيح الغيب، 8/71؛ الزمخشري: الكشاف، 1/396.
[7] صحيح مسلم، الأذان، 132؛ سنن الترمذي، الصلاة، 52؛ سنن أبي داود، الصلاة، 97.
[8] انظر: صحيح البخاري، الجمعة، 2-5؛ صحيح مسلم، الجمعة، 1-12.
[9] صحيح مسلم، الكسوف، 71؛ مسند الإمام أحمد، 4/241 (واللفظ له).