إن سيناريو شجرة النسب الذي أطلقه التطوريون وأصروا عليه باسم نظرياتهم متشابك جداً ومختلط. والاكتشافات الجديدة في علم البيولوجيا الجزيئية تعرض مشاكل ومطبات وألغازًا ومصاعب جمة أمام نظرية التطور، إلى درجة أن هذه النظرية حشرت تماماً في زاوية ضيقة. لأن “أشجار النسب” التي عملت باتخاذ مجموعات مختلفة من الجزيئات أساساً أدت إلى ظهور نتائج مختلفة إلى درجة أنه لم يعد معلوماً من تطور ممن، ولم يعد في الإمكان الخروج من هذا المأزق ومن هذه الفوضى.
وعلى الرغم من هذا فلا يزال التطوريون يقولون: “عندما نتخذ مجموعات مختلفة من الحيوانات يمكن أن نحصل من مجاميع الجزيئات البيولوجية المختلفة التي نتخذها أساساً أشجار نسب عديدة مختلفة”. ولكنهم عندما يقومون بهذا يعترفون ضمناً بأنهم أخذوا نظرية التطور كحقيقة مُسلّم بها منذ البداية، ثم رصّوا ما في أيديهم ورتبوه على هذا الأساس، ومن ثم رسموا أشجار نسب خيالية. كما أن زعم التطوريين بأن جذر الوجود شيء وجذعه شيء، وأغصانه وأثماره شيء آخر زعم خاطئ. لأن الأبحاث أظهرت بأن الجذر والجذع والأغصان والأوراق توجد معاً وتعيش معاً.
كان في العهد الكمبري الكثير من الأحياء التي جعل التطوريون بعضها سلفاً وجداً للآخر… بينما نرى أنها كانت تعيش معاً وأنها ظهرت جميعاً إلى الوجود فجأةً. كما أن من الحقائق الثابتة أن العديد من الأحياء البسيطة التركيب عاشت معاً وفي العهد نفسه مع حيوانات معقدة التركيب. وهذا يعني أن أحياء -كان من المفروض أن تعيش أحفاد لها بعد 100000 جيل- عاشوا مع أحياء كان من المفروض ألا يعيشوا معها إلا بعد 100000 جيل. ويعني كذلك أن من الممكن أن تعيش الأحياء البدائية التي زعم أنها عاشت قبل مليارات السنين، جنباً إلى جنب مع الأحياء المعقدة التركيب التي خمنت من قبل أنها عاشت بعدها بمليارات السنين.
وعلاوة على هذا فقد ظهر العديد من الأحياء -بدءاً من الأحياء العديمة الفكوك ذات الحراشف إلى أسماك القرش من الأحياء التي تعيش بيننا حالياً- في العهد الديفوني فجأة، وقد استطاعت اجتياز ذرى العهود لتصل إلى أيامنا الحالية، حيث يستحيل على نظرية التطور تفسير هذا الأمر. فمثلا نرى أن التطوريين يزعمون أن مجموعة Crossopterygi السمكية -التي تعد حسب نظرية التطور سلفاً للضفدع- قد انقرض نسلها قبل سبعين مليون سنة، بينما نعلم أن مجموعات كبيرة منها شوهدت في سواحل أفريقيا. كما ظهر للعيان أن الضفادع والزواحف عاشتا معاً في العهد الكربوني، وهذا ما لا يمكن فهمه من زاوية نظرية التطور، أي أن كلا هذين الأمرين يعدان ضربتين قاتلتين للفكر الذي يرى أن الزواحف تطورت من الضفادع.