السؤال: ما هي “الإرادة الكلية” و”الإرادة الجزئية”؟
الجواب: الإرادة الكلية، هي الإرادة التي تُنسب إلى الله لدى العوام، ولكن هذا الاصطلاح لم يكن موجوداً في عهد الصحابة والتابعين وتابع التابعين. فهم لم يطلقوا على الإرادة الإلهية “الإرادة الكلية” ولا على إرادة الإنسان “الإرادة الجزئية”. والظاهر أنه لا بأس من وضع اصطلاح كهذا لأجل فهم العوام للمسألة. علماً أن كلامي هذا مفتوح للانتقاد.
وفي الحقيقة أن اصطلاحاً كهذا، نابع عن تعبير طبيعي وتقييم لنتائج الحوادث والوقائع. لذا يمكن أن يعدّ نقطة استناد صائبة.
وقد قُصد من “الإرادة الكلية” التي أطلقت على الإرادة الإلهية هذه المعاني، وهي أن جميع الإرادة تخص الله . فالإرادة هي اسم لإرادته. فمتى ما أراد هو يخلق ما أراد مِن دون النظر إلى إرادة غيره. وهنا نريد أن نلفت نظركم إلى ما ذكرناه سابقاً وهو: أن البعض يقولون: “يخلق ما يريد ولا يخلق ما لا يريد” وهذا الكلام خطأ. والصحيح: “ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن”.
فالجبر هو الحاكم في الكون. فعندما خلق سبحانه الكون لم يسأل أحداً ولم يتخذ أية إرادة أساساً، فهو ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾(البروج؛ 16)، ولكنه منَح الإنسان إرادة. هذه الإرادة وسيلة ترقٍّ وتدنٍ للإنسان. فمنْح هذه الإرادة يتعلق باسم الله “الرحمن الرحيم”. أي أنه لطْف إلهي بتجلي هذين الاسمين. وإلاّ لو نظرنا إلى الأشياء من زاوية الاسم الأعظم ولفظ الجلالة (الله) فالكون برمته في جبر مطلق. نعم، إن “مالك الملك يتصرف في ملكه كيف يشاء”… هذه القاعدة سارية في المفعول على جميع الموجودات، سوى الإنسان الذي أُعطي له إرادة مجهولة الماهية. فمتى ما صرف إرادته هذه إلى الخير، فالله يخلق الخير، وإذا ما صرفها للشر، فالله سبحانه يخلق الشر إذا شاء. وما ساقَنا إلى الجُرأة في هذا الحكم إلاّ اعتمادنا على رحْمانية ربنا ورحِيميَّته.
أي أننا نعتقد متى ما أردنا الخير فالله سبحانه وتعالى يخلقه قطعاً. ولكن الله سبحانه وتعالى بلطفه وكرمه لا يخلق الشر أحياناً عندما يريده الإنسان. فمثلاً شخص يحاول أحدهم أن يضلّه بشتى الوسائل، فيميل إليه، ولكن الله سبحانه لا يريد إضلاله ولا يخلق الضلالة لعلمه بما عمل من حسنة في الماضي أو بما سيعمله من حسنة في المستقبل. حتى أنه سبحانه يوجِد مانعاً بحيث يبعده عن تلك السيئة، فيحول بينه وبين السيئة. فهذا عطاء ربانيّ، وحتى الجنة، لأنها -من جهة- مرتبطة باستعمال الإنسان لإرادته… فالله يخلق ما أريد باسم الخير، ويكفي للإنسان ألاّ يرتكب إثماً عظيماً يزيل كل الخيرات فيحرم من استحقاقه الإحسان والعطاء من الله.