حَلُمَ أن يعيش غريبًا، ناذرًا نفسه للخدمة، لم يرغب أن يكون معروفًا أو مذكورًا بالاسم، تمنّى لو رحل يومًا وسلك طريقًا مجهولا فيعثرون على جثمانه ويقولون عنه: “ها قد مات غريبًا”، ويدفنونه كما يدفنون الغرباء. هذا ما كان يحلم به دومًا، كان دائم الابتهال والدعاء باسطا أَكُفَّ الضراعة لمولاه راجيًا إياه أن يموت قبل أن تيْنع وتنضُج ثمار الحدمة، ليقتل حظ نفسه من أن تُنسَب تلك الأعمال إليه، فقد رضي أن يكون نصيبه وقسمته من الدنيا ربه جل في علاه، لا ينقطع عن ذكره طرفة عين، يردد ذكره كمجنون ليلى، يمصُّ شفتيه الناطقتين باسمه، يُغشى عليه وهو هائم بالبحث عنه. لنستمع إلى الأستاذ كولن باكيًا مبتهلا لربه، وقد استجاب الله دعائه، وحقق له أمنيته.
“”