Reader Mode

إنكم إن أفسحتم المجال لانشغال الطفل بأمورٍ لا تعود بالنفع على حياته المادّيّة والمعنويّة والأخرويّة والدنيويّة ينجم عنه بدايةُ مرحلةٍ جديدةٍ من الصياح والجدال والعتاب والتماس المعاذير، على نحو قوله تعالى: ﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ ِلأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لاَ تَعْلَمُونَ $ وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ (سُورَةُ الأَعْرَافِ: 7/38-39).

أجل، يمكننا أن نقول وفقًا للبيان القرآنيّ السابق: إن أبناءكم الذين احتضنتموهم وربّيتموهم وظننتم أنكم قد أحسنتم تربيتهم سيصبّون اللعنات صبًّا على كبارهم الذين أضلّوهم، من أجل ذلك لا بدّ أن يخشى من يُؤمن بالآخرة -ولو بقدرٍ ما- من مثل هذه اللعنات التي يمكن أن تُصبّ عليه في الآخرة، وترتجفَ أوصاله من ذلك ويستعين بالله ويلجأ إليه، أما سبيل الخلاص من هذا الوعيد وذلك اللوم فهو أن نكون قدوةً حسنة لمَن يحدِّدون أحوالهم وأوضاعهم وفقًا لأوضاعنا وسلوكيّاتنا الفكرية، يجب أن نكون قدوةً حسنةً في كلّ أمر؛ بدايةً من حبّ الله ورسوله وتوقيرِهما حتى الانضباط الخُلُقي.

إن البيت المملوء بحبّ الله ورسوله تكون درجةُ تعلّقِ الطفل بربّه فيه على حسب ما يقرؤه ويراه ويسمعه في هذا البيت عنهما، ونستطيع أن نعتبر هذا مقياسًا، ونقول: إننا نستطيع قياس نسبة ذكر الله في أيّ بيتٍ اعتمادًا على انفعالات الطفل، ويمكننا أن نشعر بعمق هذا الأمر في خَلَجَانِ الطفل ومشاعره، ويمكن في ضوء ذلك أيضًا أن نعرف قدر اجتناب المنكر والإتيان بالمعروف.

أجل، إن الطفل بمثابة شاشة يشاهَد منها ما يدور في البيت، وسمّاعة للأصوات التي تدور داخل البيت، ومن خلال هذه الشاشة أو السماعة يمكننا مشاهدة أكثر المواضع خصوصيةً في البيت، والتعرّف على أخفى همساتِه.

المصدر: فتح الله كولن، من البذرة إلى الثمرة، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة.