وأما الأحكام الفقهية المتعلقة بالاستعاذة، فمن العلماء من يرون الاستعاذة بعد الانتهاء من تلاوة القرآن وهم قلّة، والجمهور يرونها قبل البَدْءِ بها، ولكلٍ دليلُه ومستنده.
وللقراء والعلماء آراء مختلفة في صِيَغةِ الاستعاذة، نُجمِلُها على النحو التالي:
1- “أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم”، بها يتعوّذ جمهورُ السَّلَفِ من الصحابة والتابعين.
2- “أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم”، وهي ما اختاره بعضهم.
3- وبعضهم كان يتعوذ بـ”أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”.
فالتعوُّذ بالله من شرِّ الشيطان في كلِّ الأحوال؛ في الصباح وفي المساء، وعند النوم وبعد الاستيقاظ، سيكون بمثابةِ وثيقةٍ للعيش في أمان، والوصولِ في أمنٍ إلى الجنة دارِ السلام.
والاستعاذةُ علامةُ الالتجاءِ إلى الله، وتقديمِ المعذِرَةِ، وأمارةُ الإخلاص، والقرآن المعجزُ البيانِ يوصينا بأن نقول: “أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ”، وأن نبحث عن مدى طاقتنا وحجمنا تجاه نوائب الدهر، وأن نتعلّم المهارات التي يتطلَّبها هذا الأمر، ويسوقنا إلى أن نتصرَّف وكأننا مهيضو الجناحِ كسيفو البالِ، وأن نحلِّق إلى آفاق الكمالات الإنسانية بجناحِ العجز والضعفِ، ونفهمَ أننا “لا شيء” حتى نعتمدَ عليه ونستعينَ به في كلِّ خَطْبٍ ونازلةٍ.
المصدر: فتح الله كولن، خواطر من وحي سورة الفاتحة، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة.