إن الإنسان كائنٌ تمتدُّ حاجاته إلى الأبد؛ فكما أنه يطلبُ زهرةً واحدةً فهو يطلب ربيعًا أيضًا، فهل –يا ترى- ستَشْبَع رغباتُه بالحصول على الربيع؟! إنه عند حصولِه على الربيع سيطلب الجنةَ، وهو لن يرضى بالحصول على جنة مؤقَّتة، إنه يطلب الخلود فيها، ولكن خلودًا في سعادة، إلا أنه بعد مرحلةٍ ما لن تُشبعه هذه ولن تشفيَ غليلَه، فسيطلب مشاهدة الحقّ تعالى؛ فكلُّ ما يُمنَح للإنسانِ يلفت نظرَه ويفتَحُ أفقَهُ إلى ما وراءه مما هو أكبر وأكثر، فيشرعُ هو بدورِهِ بالتَّطلُّعِ والنظَرِ إلى ما وراء ذلك؛ وهكذا دواليك أبدًا…
فالإنسان كائنٌ تتوالى طلباتُه، ولكنه مع هذا الشَّرَهِ ضئيلُ الإمكانات محدودُ الوسائل، فإمكاناته منحصرةٌ بما تطالُه يداه؛ حتى إنه قد يعجزُ عن بعض الأمور الخاصة بهذه الدائرة؛ فيُغلَب على أمره؛ فماذا على إنسان كهذا..؟! فمهما قال القائلون، فالطريق الأنسب والمعقول هو أن يقول: إنني ألتجئ إلى عناية الله، فالله تعالى يجعلنا نُعَبِّرُ عن هذا المعنى بأن نقول حينما نبدأ بتلاوة القرآن: “أَعُوذُ بِاللهِ”.