إن كنتم تنشدون من وراء تنظيم أوقاتكم أن تكون أوقاتكم أكثر بركةً وتنظيمًا فعليكم أن تضعوا جدولًا لكل ساعات اليوم الأربع والعشرين، فإن فعلتم ذلك استطعتم أن تحدّدوا بشكلٍ واضحٍ أيَّ الأعمال التي ينبغي لكم القيام بها في أيّ ساعات اليوم؛ بدءًا من الالتقاء بالأصدقاء حول الحديث عن ذكر الحبيب إلى قراءة الكتاب، ومن ترتيب الغرفة إلى الانشغال بالذكر والأوراد، ومن التشاور مع الأهل في بعض المسائل إلى وقت الاستراحة، بل قد تدخل ضمنَ هذا التنظيم الفترة التي قد تخصّصونها للجلوس وشرب الشاي وتناول الطعام، فمثلًا إن كانت عشرون دقيقة تكفي لتناول الطعام فلا بدّ من الاكتفاء بها، وألا نضيّع أوقاتنا في الكلام الفارغ بعد الطعام، بل ينبغي أن نقتطع أوقاتًا احتياطيّة من الأربع وعشرين ساعة حتى لا تخلّ الأشغال التي قد تطرأ بعد ذلك ببرنامجنا.
فإن نظّمنا أعمالنا بكلّ فروعها وأصولها على هذا النحو المفصّل ازداد الوقت بركةً، وحصد الإنسان ثمرة أعماله أضعافًا؛ لأن الحياة إن نُظّمت صار الإنسان منظّمًا في وقته، وتعوّد على العمل في إطار برنامجٍ معين، وبهذا الحافز المعنويّ يستطيع القيام بأعماله في يسرٍ وسهولة.
ولا يُفهم من كلامي أن مثل هذا النمط الحياتي يعني آليّةَ الإنسان، بل يعني أن يكون الإنسان منظّمًا وأن تجري حياته في نظامٍ وانضباط، والإنسان المنظّم لا يعيش خواء في عباداته وطاعاته، ولا يُهمل ذكره وأوراده، ولا يُقصِّر في المهام التي تقع على عاتقه، ولا يُخلّ بحقوق أفراد أسرته.