في خضم الخطوب الجسام وأزمات الواقع المرير التي تمرُّ بها الإنسانية قاطبة، تصدرت مفاهيم “الحوار” و “التعايش السلمي” و”السلام العالمي” واجهة النقاشات الفكرية العالمية بقوة، وإيمانًا من نسمات برسالتها الحضارية الإنسانية، فقد حاولت نسمات في عددها الجديد أن تقدم عبر العديد من الدراسات رؤية المفكر فتح الله كولن في باب الحوار والتسامح والتعايش السلمي كنموذج يمكن من خلاله إيجاد حلول لأزمات الإنسان في الوقت الراهن وفي المستقبل.
افتتاحية العدد التاسع من نسمات، كتبها رئيس التحرير الأستاذ صابر المشرفي، وجاءت بعنوان “التركيبة الفريدة”، وقد حاول من خلالها أن يلفت الانتباه إلى التركيبة الفريدة التي تشتمل عليها أفكار الأستاذ فتح الله كولن، والتي ترجمها المنتسبون لحركة الخدمة في مؤسسات عالمية واقعية، هذه التركيبة تتكون من عناصر متعددة تتداخل مع بعضها لتشكل نسيجًا من طابع خاص يتمحور حول الإنسان، ويعيد صياغته من جديد ليكون صالحًا في نفسه ونافعًا لأمته، ومحتضنًا للكائنات كلها.
وجاءت دراسة الأكاديمي المغربي الأستاذ الدكتور محمد جكيب المعنونة بـ”رؤى الحوار والتسامح قراءات في المدخلين الفكري والعملي عند فتح الله كولن، في مدخلين، الأول: ركّز على تحليل مكونات الرؤية الفكرية التي تنبني عليها فلسفة الأستاذ فتح الله كولن الإصلاحية، أما المدخل الثاني: فشرح الجانب العملي في تجربة الخدمة من خلال مجموعة من التجارب العملية التي تسجل حضورًا بارزًا في مجال تصحيح الرؤية وربط جسور رأب الصدع.
أما مقال “الخدمة نموذج عالمي للتعليم والحوار” للبروفيسور إيان ج. ويليامز، فقد أكّد على أن جوهر حركة الخدمة هو التعليم الذي ينعكس على السلوك الفردي للإنسان، وتشجيع الناس على خدمة الإنسانية من خلال مؤسسات الحوار بين الثقافات والأديان، مستهدفة بالتعليم سد الفجوات بين الشعوب وإقامة روابط من أجل الصالح المشترك والسلام العالمي.
وفي حوار هذا العدد من نسمات أكَّدت الأستاذة الدكتور هدى درويش أن كتابات الأستاذ فتح الله كولن توافقت مع توجهها الروحي كأستاذة للأديان المقارنة وناشطة في مجال الحوار والتعايش السلمي، مشيرة إلى أن الإضافة التي قدمها نموذج الخدمة للفكر الإسلامي والإنساني نظريًّا وتطبيقيًّا، أنها كانت فكرة تحولت في إطار معقولية الفكرة وقابليتها للتطبيق ومناسبتها للفطرة الإنسانية إلى مشروع انبعاث حضاري يحرّك الإنسانية بأكملها.
الإصدارة تشتمل على بعض الملفات الأخرى، منها عرض لآخر رسالة علمية نوقشت في جامعة الأزهر كلية أصول الدين والدعوة قسم الثقافة الإسلامية، للباحث المتميز الأستاذ يحيى سلام، والتي كانت بعنوان: “محمد فتح الله كولن وآراؤه الإصلاحية -دراسة تحليلية”.
بالإضافة لمقال الأستاذ أنس أركنه “التلال الزمردية مقاربة معاصرة لمفهوم التصوف”، وهو بحث ماتع يحاول فيه كاتبه تقديم رؤية الفكر الصوفي الإسلامي ومنطلقاته وموضعه داخل المنظومة الدينية الإسلامية بلا إفراط ولا تفريط وبالاستناد على النصوص الشرعية الأصلية، وذلك من خلال الجزء الثاني من كتاب الأستاذ فتح الله كولن “التلال الزمردية نحو حياة القلب والروح”.
ومن الملفات المهمة التي اشتملت عليها هذه الإصدارة ملف حقوق الإنسان في تركيا، وفيه جاء مقال الأستاذة منى سليمان “قراءة في تقرير تركيا من ديمقراطية واعدة إلى دولة مافيوية”، وتقرير “تركيا محرقة الكتب ومقبرة دور النشر.
وختامًا نتمنى لقرائنا أن تسهم نسمات في إثراءهم معرفيًّا وفكريًّا، وأن تُنمّي ملكاتهم الإبداعية وقدراتهم في التأمل، وأن تكون عاملا مساعدًا في تغذيتهم روحيًّا وقلبيًّا.
لتحميل الإصدارة التاسعة pdf، يمكن الضغط على الرابط التالي: