الملخص:
التقرير الذي بين أيدينا يعطينا صورة عن طبيعة الوضع المزري الذي آلت إليه حقوق المرأة في تركيا، خاصة بعد محاولة انقلاب يوليو 2016 المزعومة، كما يرصد بعض ممارسات السلطة الحاكمة من انتهاكات ضدهن داخل تركيا، وخاصة ما يتعرضن له داخل السجون من إساءات ومعاملات لا إنسانية، هذا بخلاف معاناتهن خارج السجون وما يتعرضن له من مضايقات وتشريد إجباري وتشتيت لشمل الأسر التي تكون ضحيتها في الأعم الأغلب المرأة.
كما يتناول التقرير ما تتعرض له هذه العائلات خارج تركيا من اختطاف قسري وترحيل غير قانوني، وتجاوزات حقوقية من قبل قنصلياتهم وسفاراتهم التي تتعارض كليا مع حقوق المواطنة ولا تمت إلى الإنسانية بصلة.
كل ذلك مدعوم بأحدث البيانات والمعلومات الواردة في الإعلام المحلي والعالمي، وتقارير منظمات حقوق المرأة والطفل التي تؤكد جميعها على تراجع تركيا كثيرًا في ملف احترام حقوق المرأة، واحتلالها مركزًا متقدمًا في العالم بين الدول التي تمارس اضطهادًا ممنهجًا ضد النساء عمومًا، ونساء المعارضة بشكل خاص.
مقدمة
يتعرض عدد من النساء التركيات لعمليات ممنهجة من التعسف والاضطهاد داخل تركيا وخارجها، وخاصة نساء الأقليات الإثنية، والنساء الناشطات في مجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وفي مقدمتهن نساء حركة الخدمة، حيث تتخذ منهن السلطات التركية -برئاسة رجب طيب أردوغان- غرضًا لكل الإجراءات التعسفية التي تمارسها فيما بعد مسرحية الانقلاب المزعوم في 15 يوليو 2016. ولا يعني هذا أن أوضاع النساء وخصوصًا نساء الأقليات والناشطات في منظمات العمل المدني في تركيا كانت أفضل حالاً قبل هذا الانقلاب المزعوم.
والأسئلة التي تطرح نفسها هنا، لِـمَ لَمْ يتم تداول أوضاع المواطنات التركيات داخل السجون وخارجها؟ وما حقيقة ما يحدث لهن داخل السجون؟ وما الدوافع التي يتم بمقتضاها معاقبة النساء اللاتي يُشتبه في انتمائهن لحركة الخدمة؟ أو ما الحيثيات التي على أساسها تُعاقب النساء اللاتي يشتبه أن أزواجهن على علاقة بالخدمة؟ وكيف تعيش النساء المسجون أزواجهن؟ وهل الهروب من جحيم تركيا ممكن لهن؟
كل هذه الأسئلة وغيرها سيحاول التقرير أن يجيب عنها طبقًا للمعلومات المتوافرة، التي تتناقلها وسائل الإعلام العالمية وتقارير المنظمات الحقوقية العالمية، وشهادات الشهود من الحالات التي تم تسجيلها بوساطة الاتصال الشخصي لمعدي التقرير مع بعض الضحايا الأحياء أومع ذوي الضحايا الذين قضوا نحبهم نتيجة هذه الممارسات اللاإنسانية، والذين رفض بعضهم التصريح بأسمائهم مما اضطررنا معه إلى إخفاء أسمائهم خشية تعرض ذويهم للتنكيل بهم. علمًا بأن هذه المعلومات في أحيان كثيرة لا تضعنا أمام المشهد بصورة كاملة، فالسلطات التركية تخفي الكثير من البيانات عن أحوال وأعداد النساء داخل السجون، لا سيما وأن الجميع يشعر بالرعب خوفًا على مصيره إذا تحدث عما يجري داخل السجون التركية.
“حليمة جولسو” كانت مريضة، وزادت معاناتها في المعتقل بسبب ما تعرضت له من تعذيب، وبعد طول معاناة في المعتقل، مع الحرمان التام من أدويتها، وما يلزم من رعاية صحية قضت نحبها.
وضع المرأة في ظل “العدالة والتنمية”
قامت حكومة العدالة والتنمية التركية في أعقاب الانقلاب المزعوم يوليو 2016 باعتقال عشرات الآلاف من النساء، بلغ 18.000 امرأة، شملت كل فئات المجتمع من ربات بيوت إلى صحفيات ومعلمات وأكاديميات وطبيبات ومهنيات ونساء أعمال، بزعم وجود صلات لهن بحركة الخدمة التي تتهمها الحكومة التركية بلا أي سندٍ قانوني بأنها جماعة إرهابية. وتشير أدلة موثوقة إلى أن العديد من النساء المحتجزات في أعقاب محاولة الانقلاب يتعرضن بصورة روتينية للتعذيب وسوء المعاملة ويصل الأمر إلى حدِّ الاعتداء الجنسي. وأكثر ما يدعو إلى القلق هو تعرُّض 1.200 مواطن من سكان شرق تركيا من النساء والشيوخ والأطفال للقتل في عمليات قامت بها قوات الأمن، في الفترة ما بين يوليو 2015 إلى ديسمبر 2016. ومن الجدير بالملاحظة هنا أنه يوجد ما يُقارب نصف مليون مواطن مشرد من أصل كردي في جنوب شرق تركيا من النساء والأطفال والشيوخ(1).
كما تتعرض النساء اللواتي يتحدثن عن تجاوزات الحكومة التركية للتهديد والتخويف والاضطهاد والسجن، وفي عرض مستمر لا تزال النساء المدافعات عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة من الصحفيات وغيرهن من الناشطات، يواجهن تحديات سافرة من قبل الحكومة.
وتُعَدُّ النساء الكرديات والنساء المنتميات لحركة الخدمة لا سيما المدافعات عن حقوق الإنسان منهن، أكثر النساء تعرُّضًا لعبء القمع الحكومي، من خلال سلسةٍ من مراسيم الطوارئ التي أصدرتها الحكومة عقب الانقلاب المزعوم في يوليو 2016. ففي ظل حالة الطوارئ التي استمرت لأكثر من عامين تم إغلاق كثير من المؤسسات والهيئات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، إذ تمَّ وبصورة غير قانونية إغلاق 1.125 منظمة غير حكومية، و560 مؤسسة خيرية، و19 اتحادًا تجاريًّا نسائيًّا لسيدات الأعمال.
الذين تحدثوا معنا عن سوء المعاملة أو ما تعرضوا له من تحرش لم يرفعوا قضايا ولم يسجلوا شكاوى، لفقدهم الثقة في المنظومة القضائية، وخوفًا مما قد يتعرضون له فيما بعد من قِبل سجانيهم.
وتؤكد عديد من التقارير أن النساء التركيات كثيرًا ما تعرّضن للتمييز داخل المجتمع التركي، فخلال شهر فبراير من العام 2018 قُتلت 48 امرأة على يد رجال (2). وحسب تقرير آخر، أنه وفي خلال الثمان سنوات الماضية قُتل قرابة 2000 امرأة تركية (3). هذه الأرقام تُمثِّل فقط الحالات التي تم رصدها والتبليغ عنها، ولكن المتوقع أن يكون العدد الفعلي أكثر من ذلك.
وقد أشار تقرير نشرته إحدى الصحف حول ما تعانيه النساء في تركيا من تمييز، إلى ما يقارب الخمس نساء أو أكثر يتعرضن للقتل يوميًّا (4). وفي تقرير يرصد الزيادة المضطردة في أعداد قتل النساء التركيات، أظهر أن نسبة ضحايا القتل من النساء خلال عام 2017 قد زادت 25% عن عام 2016، حيث وصل عدد الضحايا من النساء المقتولات إلى 409 امرأة (5). كما صدر تقرير في ديسمبر 2017 عن حركة النسوة الأحرار (TJA) تحت عنوان “انتهاكات حقوق المرأة داخل السجون في ظل حالة الطوارئ”(6)، وقد ذكر التقرير أن السجون التركية المخصصة للنساء قد اكتظت بالسجينات وفقدت قدرتها على الاستيعاب، ما أدَّى إلى تكدس السجينات داخل السجون، وقد قامت الحكومة التركية في سابقة خطيرة بسجن النساء في السجون المخصصة للرجال، لا سيما بعد أن وصل عدد السجينات إلى 18.000 امرأة.
وطبقًا لدراسة إحصائية أجرتها جامعة (Kadir Has) بإسطنبول تبين أن 61% من النساء يُمثِّل تعرضهن للعنف أحد أكبر مشاكلهن، كما أفصحت الدراسة ذاتها أن عدد النساء اللاتي يتعرضن للعنف بصورة مستمرة ارتفع من 53% عام 2016 ليصل إلى 57% عام 2017. وتواجه الباحثين عديدٌ من العقبات في رصد ما تعانيه المرأة التركية من أوضاع غير إنسانية، ويأتي على رأس هذه العقبات، إصرار الرئيس التركي أردوغان الدائم في خطاباته الموجهة للإعلام، على وجوب عدم ذكر أو إصدار أخبار متعلقة بما يتعرض له النساء والأطفال من عنف وتحرّش، وهذا ما يؤكد عليه ويكرره مرارًا كما فعل في خطابه الذي ألقاه في مارس 2018(7).
الجدير بالملاحظة أن حزب العدالة والتنمية التركي يروج -منذ وصوله إلى سدّة الحكم- لرسم صورة نمطية عن المرأة. فالتمييز ضد المرأة إذن ينفذ بصورة ممنهجة.
وقد أشار “المعهد التركي للإحصاءات” أن عدد النساء الأميات يوازي خمسة أضعاف عدد الرجال الأميين، كما أن النساء يتقاضين رواتب أقل من الرجال في العمل ذاته. في حين أن نسبة المشاركة السياسية للمرأة قليلة جدًّا، ولا تتخطى الـ7.4% من أعضاء الحكومة عام 2015، والـ2.9% في رئاسة البلديات والمجالس المحلية في عام 2014، والـ15% في البرلمان 2015. كما أبرز المعهد في دراسته أن حوالي 35% من النساء المتزوجات قد تعرضنّ إلى عنف في حياتهنّ الزوجية مرة واحدة على الأقل (8). وخلال الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 24 يوليو 2018 بلغت نسبة البرلمانيات 13% فقط من إجمالي أعضاء البرلمان (9).
تركيا سجن كبير
لقد تحولت تركيا بالنسبة لملايين من المواطنين إلى سجن كبير مفتوح، فكثير من النساء اللاتي كن على علاقة بالخدمة بأي شكل من الأشكال حتى أولئك المشتركات في وسائل الإعلام المحسوبة على حركة الخدمة من جرائد أو مجلات، أو من كانت لها حساب في بنك آسيا الذي كان مملوكًا لرجال أعمال محسوبين على الخدمة، أصبحن محل شبهة وتعرض أغلبهن للاعتقال تحت مسمى قانون “الشبهة المعقولة” المنافي للدستور، والذي صدر بموافقة الأغلبية البرلمانية التابعة للحزب الحاكم. وهكذا صار هذا القانون قبل محاولة الانقلاب الفاشلة سيفًا مسلّطًا على رقاب كثير من المعارضين والمخالفين لتوجهات الحزب الحاكم، وفي مقدمتهم منسوبو حركة الخدمة من رجال ونساء وكذلك أعداد كبيرة من المعارضة الكردية. أما بعد محاولة الانقلاب فقد تكفلت قوانين الطوارئ التي فرضت على البلاد باعتقال كل من تسول له نفسه التفكير في المعارضة، وهكذا تحولت تركيا إلى دولة يُسيطر عليها مناخ الخوف لا سيما النساء والأطفال وعوائلهم.
سَجّلت منظمات حقوق الإنسان في تقاريرها المختلفة أن الاغتصاب والتحرش الجنسي يُستخدم في السجون كأحد أنواع التعذيب وبصور شائعة أثناء التحقيقات.
تشريد العائلات بالقانون
ولبسط الحقيقة بصورة واضحة سيسلط التقرير الضوء على بعض الحالات التي وثّقتها الصحافة والتقارير الإعلامية، فمن ذلك “س” الذي كان مدرسًا للتاريخ في أحد مدارس الخدمة، بعدما فُصل من وظيفته الحكومية التي كان يعمل بها قبل أربعة أعوام من محاولة الانقلاب بتهمة انتمائه لحركة الخدمة؛ تحكي زوجته أنه عقب حدوث محاولة الانقلاب اقتحمت الشرطة البيت، وقيّدوا يديه وطرحوه أرضًا، وانهالوا عليه بالضرب في محاولة لإجباره على الاعتراف على زملاء له بأنهم إرهابيون، ثم اقتادوه بعد ذلك إلى مكان غير معلوم، وقد جعل هذا المشهد الزوجة تتساءل في حيرة وأسى عن سر هذه المعاملة السيئة من نظام كانوا يدلون بأصواتهم لصالحه في الانتخابات، ثم صار يعاملهم على أنهم إرهابيون بدون أي أدلة.
خلال شهر واحد فقط قد فرّ قرابة 2.738 مواطنًا تركيًّا من بلادهم بطريقة غير شرعية معرضين أنفسهم وعائلاتهم لخطر الموت، هربًا من التعذيب النفسي والبدني والازدراء داخل بلادهم.
وبعد خمسة أيام من البحث والتحري عن مكان زوجها المفقود وقع ما كانت تخشاه، فقد كان زوجها يعاني من داء السكري، ويجب أن يحصل على دوائه بانتظام حتى لا يتعرض للوفاة، وبالفعل توفي الزوج نتيجة إهمال الشرطة -في المخفر الذي كان معتقلاً فيه- إعطاءه الدواء اللازم رغم نداءاته المتكررة ومعاناته أمام أعينهم.
وبذلك فقدت المرأة وأطفالها عائلها الوحيد في الحياة الذي كانت تعتمد عليه، مما اضطرها لقبول مساعدات من بعض الأقارب والجيران على حذر منهم، حتى لا يتعرضوا بدورهم للاعتقال نتيجة مد يد العون لها، كما اضطرت هي لتعلم الخياطة لتكفل لها ولأولادها بما تبذله من جهد بعض الليرات التي لا تسد رمق العيش ولا تكفي لاستمرار حياة كريمة (10).
إن هذه الحالة تمثل نموذجًا لما يتجاوز ثمانين ألف حالة مشابهة تعرضن لشظف العيش وضيقه نتيجة فقدان العائل بالاعتقال أو الموت في غياهب السجون رغم أن بعضهن كن من مؤيدات الحزب الحاكم.
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد بل وصل أنْ تعرضت هؤلاء النسوة إلى الاعتقال بالتهم عينها التي اعتقل بها أزواجهن، وهكذا ظل الأطفال بلا عائل يعولهم من الأبوين، ومن كان من هؤلاء الأطفال رضيعًا التحق بأمه في السجن لينشأ بين أحضان نزيلات السجن المحبوسات على ذمة قضايا مختلفة.
صرح موظف ببلدية إسطنبول بأن المصوتين بـ”نعم” يحق لهم اتخاذ أزواج المصوتين بـ”لا” إماءً لهم، وفُتح تحقيق ضد الموظف وتم فصله مؤقتًا من العمل.
أما من لم تطالهم يد النظام بعد فالخوف المستمر والقلق الدائم هو الذي يسيطر على كل أوقاتهن من ليل أو نهار، فمع كل سرينة لسيارة شرطة أو مع كل طرقة على الباب تفزع هؤلاء النساء ظنًّا منهن أن الشرطة قادمة لاعتقالهن.
هذا فضلاً عن حالة العزلة الاجتماعية القسرية التي فرضت عليهن؛ فكثير من جيرانهن وأقاربهن يبتعدون عنهن إما تأثرًا بالدعاية السيئة التي تبثها وسائل الإعلام في حقهن صباح مساء، وإما خوفًا على أنفسهم من أن يتهموا بأنهم موالون للخدمة أو منتمون لها.
ومما زاد الأمر سوءًا أن الحكومة قد قررت مكافأة مالية لمن يبلّغ عن أحد المنتمين للخدمة ممن لا تطاله يد الشرطة، من خلال إنشاء خط ساخن لهذا الغرض، بعد نشره بشكل مستمر عبر قنوات ووسائل الإعلام المختلفة. ولذلك فإن أي مشكلة تنشأ بين الجيران أو بين أطفالهم قد تؤدي بأن يقوم أحدهم بالتبليغ عن الآخر بتهمة الانتماء إلى الخدمة انتقامًا منه أو رغبة في الحصول على هذه المكافأة المادية، لا سيما في ظل غيبة العدالة وعدم تطبيق القانون والاكتفاء بمجرد الشبهة لإلقاء القبض على أيّ مواطن.
لقد بلغ عدد الأتراك الذين لجأوا إلى أوروبا فقط 41.500 تركي خلال العامين الماضيين، ووفقًا لما تداولته الصحف اليونانية فقرابة 10 أتراك يعبرون نهر مريج إلى اليونان بصورة شبه يومية.
ذوو الاحتياجات الخاصة ليسوا استثناء
امرأة أخرى تم توثيق معاناتها وهي “فاطمة كويون” تبلغ نسبة إعاقتها الجسدية 80%، ويعاني زوجها أيضًا من إعاقة بنسبة 45%، ورغم ذلك فقد كان هذا الزوج المعاق هو السند والمتكأ الذي تعتمد عليه فاطمة في أغلب شؤون حياتها.
زوج فاطمة هذا اعتقلته السلطة التركية بوشاية من أحدهم، ورغم الحالة الصحية التي يعانيها هو وزوجته لم ترحمه السلطات وزجت به وبأخيه الأصغر في غياهب المعتقلات.
تعيش فاطمة الآن بعد اعتقال زوجها في ظروف معيشية غاية في الصعوبة، فهي تسكن وأطفالها في بيت مستأجر مع أبيها الذي يبلغ من العمر 65 عامًا، يعتمد عليهم في شؤون حياته، وليس لهم من عائل سوى ما يعطيه لهم أحد أشقاء زوجها الذي يعمل عامل إنشاءات باليومية بعدما فقد هو الآخر وظيفته بالتُّهَم عينها(11).
لقد تم القبض في نهاية مارس من العام 2018 على 70 امرأة لأنهن يُقدمن مساعدات مالية لعائلات المقبوض عليهم، وتم توصيف التهمة بأنها تقديم مساعدات مالية لأفراد ينتمون لمنظمة إرهابية(12). وطبقًا للتقرير الذي أعدته “جمعية العدالة من أجل الضحايا” تحت عنوان “الخسائر الفردية والاجتماعية التي تسببت فيها حالة الطوارئ في عامها الثاني” أظهرت نتائج استطلاع تم إجراؤه على عينة من المشاركين أنه وفي خلال حالة الطوارئ كان يشعر 81% من المشاركين في هذه العينة بالخوف والرعب وهم في منازلهم إذا طرق الباب أي طارق، كذلك بيَّن التقرير أن 98% فقدوا الثقة مطلقًا في القضاء(13).
ورغم فصل الحكومة التركية أكثر من 150 ألف موظف من وظائفهم بحجة انتمائهم لجماعة الخدمة دون أي دليل أو محاكمة فقد أصدرت الحكومة قانونًا جديدًا يمنعهم من السفر للعمل بالخارج ويمنعهم أيضًا من العمل في تركيا ولو بالقطاع الخاص، مما حدا بصحفي متخصص في الشؤوون التركية أن يعلق على الخبر في تغريدة له على تويتر بتاريخ 7 نوفمبر 2018 قائلاً: “تخيل هذه القسوة وهذا الظلم… أليس هذا قرارًا بموتهم؟ الموت البطيء والمهين”(14).
“من شدة خوف أولادي ينتظرونني أمام باب الحمام. ورغم أني لم أرغب في إظهار خوفي لهم؛فإنهم كانوا يشعرون به دائمًا”.
ضحايا من النساء يتحدثن عن معاناتهن
إن النساء التركيات وهن يتعرضن للضغوط الاجتماعية الشديدة يتعذبن أكثر من مرة، فهي الأم وهي الزوجة وهي المعيلة في أحيان ٍكثيرة ولعل بعض الأمثلة توضح ذلك:
1- ينتظرونني أمام باب الحمام
“عانى أطفالي كثيرًا من المتاعب، لم يكن زوجي بجانبي، كان صعبًا للغاية أن تفعل كل شيء بمفردك، أن تكون رجلًا وامرأة في آن واحد. كان لديّ خوف دائم من الاعتقال. وبالرغم من أن أعمار أولادي بين الــ 12و13 عاما، فإنهم ينامون معي. وإذا نهضت من الفراش للذهاب إلى الحمام أو لأي شيء آخر تعالت صرخاتهم منادين عليَّ: “أين أنت يا أماه؟” ومن شدة خوفهم ينتظرونني أمام باب الحمام. وعلى الرغم من أنني لم أرغب في إظهار خوفي لهم؛ إلا أنهم كانوا يشعرون به دائمًا”. هذا ما جاء على لسان أحد الضحايا، وهو مثال يعبر عن حالة عامة سائدة في بيوت كثيرة كانت ضحاياها من نساء الخدمة.
2- كوخ بلا أبواب أو نوافذ
وفي حالة أخرى أصعب تقول الضحية: “لقد ترك زوجي المنزل قبل عام خوفًا من ملاحقة الشرطة له. ورفع قضية طلاق، حتى لا تستمر الشرطة في مضايقاتي بسببه. ولكنه تراجع عنها حاليًا. ونظرًا لعجزي عن دفع إيجار المنزل الذي كنت أقيم أنا وأطفالي فيه فقد انتهى بي المطاف إلى كوخ صغير استأجرته. لقد ترك هذا الواقع الأليم أثرًا سيئًّا في نفوس الأولاد. لم تكن في الكوخ أبواب ولا نوافذ. ولدي شهود على ذلك. لم يكن لدينا غاز طبيعي ولا أنبوبة غاز طيلة 8 أشهر. فقط طبخنا البطاطا في فرن حديدي صغير وأكلنا الخبز القديم. ذهبت للعمل باليومية؛ فاشتغلت في أعمال أجرها اليومي حوالي 40 ليرة. وقد سقطْتُ في موقع الإنشاءات فكسرت ذراعي. علاقتنا مع جيراننا منعدمة. وكثيرًا ما تقوم الشرطة ورجال الدرك باقتحام كوخي بشكوى من المختار وفرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في الحي”(15).
3- من أكاديمية مرموقة إلى امرأة مضطهدة
تبلغ “أوغيت أوكتيم تانور” من العمر 82 عامًا، وهي أستاذة في علم النفس وأول أخصائية في علم النفس العصبي في تركيا، كانت “أوغيت أوكتيم تانور” أستاذ شرف في جامعة إسطنبول. أما الآن، فقد خسرت الكثير من المزايا التي كانت تتمتع بها كموظفة في الدولة، ومُنعت من السفر إلى الخارج، كل ذلك بتهمة “الترويج للدعاية الإرهابية”. لم تكن تلك المرة الأولى التي تعاني منها “تانور” من الاضطهاد فقد هربت قبل ذلك مع زوجها خارج البلاد أثناء انقلاب 1971 خوفًا من الاعتقال والسجن. وتقارن تانور بين معاناتها في تلك الأحداث الراهنة وأحداث انقلاب 1971م فتقول: “ذلك الزمن كان أفضل من هذا، لأن القضاء في الماضي كان يمكن الوثوق به، وكانت هناك محاكم مدنية يمكن الاعتماد عليها في تبرئة المتهمين ورفع الاضطهاد عن كاهل المضطهدين. أما الآن فالقضاء مضغوط عليه ولم يعد هناك أي فصل بين السلطات كما هو الحال في أيّ نظام ديمقراطي يحترم حقوق مواطنيه. أنا أخشى حقيقة على مستقبل بلادي”(16).
4- دعوة علنية إلى اغتصاب نساء المعارضة
إن الضغط النفسي والاجتماعي الذي تعاني منه نساء تركيا اليوم لم يعُد في مقدور أحدٍ تحمُّله مما دفع العديد من النساء في مأساة يندى لها جبين الإنسانية للإقدام على الانتحار، فمن الأمور التي تُعد بمثابة رعبٍ آخر يسيطر على النساء في تركيا، الدعوة إلى اغتصاب النساء المنتميات لحركة الخدمة، فقد أفاد ثلاثة مشتبه بهم متهمون بمحاولة اغتصاب ست معلمات في غرب مدينة إزمير، أمام المحكمة في 18 فبراير 2017 أنهم أرادوا إجبار المعلمات على مغادرة المدينة لاعتقادهم أن الضحايا كانوا على صلة بحركة الخدمة(17).
وقبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 16 أبريل 2017 صرح موظف ببلدية إسطنبول بأن المصوتين بـ”نعم” يحق لهم اتخاذ أزواج المصوتين بـ”لا” إماءً لهم، وفُتح تحقيق ضد الموظف وتم فصله مؤقتًا من العمل.
لقد تم القبض في نهاية مارس من العام 2018 على 70 امرأة لأنهن يُقدمن مساعدات مالية لعائلات المقبوض عليهم، وتم توصيف التهمة بأنها تقديم مساعدات مالية لأفراد ينتمون لمنظمة إرهابية.
الهروب من الجحيم والموت غرقًا
إن كثيرًا من الرجال والنساء المضطهدين في تركيا يحاولون الهروب من حالة الرعب الدائم التي يعيشونها داخل تركيا، وذلك عن طريق الهجرة غير الشرعية؛ فقد منعت الدولة مئات الآلاف من المواطنين من السفر وألغت جوازات سفر العديد منهم لا سيما الذين تم فصلهم من العمل. لقد كان دافع هؤلاء للهروب من ذلك الجحيم هو عدم استطاعتهم الحصول على فرصة عمل داخل تركيا بإيعاز من السلطة الحاكمة، بالإضافة إلى فقدهم الدفء الاجتماعي حيث يتهرب منهم أقاربهم وجيرانهم خوفًا من عقاب السلطات. إلا أن مخاطر الهروب عديدة فالكثير من الأشخاص يموتون أثناء محاولة الهروب من هذا الاضطهاد المستمر والمنظم بقيادة السلطة الحاكمة في تركيا وسنذكر بعض الأمثلة لذلك.
تكفلت قوانين الطوارئ التي فرضت على البلاد باعتقال كل من تسول له نفسه التفكير في المعارضة، وهكذا تحولت تركيا إلى دولة يُسيطر عليها مناخ الخوف لا سيما النساء والأطفال وعوائلهم.
1- لم يتعرف على هويتهما أحد
“نور مادن” وزوجها “حسين مادن” حاولا الفرار من تركيا بأبنائهما الثلاثة، واللجوء إلى اليونان عن طريق بحر إيجه، ولكن الفاجعة حصلت بغرق أفراد العائلة جميعًا أثناء محاولة الفرار. وكان هذا خلال شهر نوفمبر من عام 2017، حيث أعلنت السلطات اليونانية أنها عثرت على جثتين لفتاة في عمر 13 وصبي في نفس العمر ماتا غرقًا، وقد تكاملت فصول المأساة حيث لم يبلغ عن فقدهما أحد كما لم يتعرف أحد على هويتهما(18).
إن هذه الحادثة تطلعنا على أمر في غاية الخطورة، وهو أن الأفراد الذين يحاولون الهرب أو يفقدهم ذووهم لا يبلغون السلطات عن غيابهم أو فقدهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال. فحالة الرعب السائدة داخل المجتمع التركي بلغت حدًّا ليس له نظير في تاريخ تركيا الحديثة.
تتعرض النساء اللواتي يتحدثن عن تجاوزات الحكومة التركية للتهديد والتخويف والاضطهاد والسجن، ولا تزال المدافعات عن حقوق المرأة من الصحفيات والناشطات يواجهن تحديات سافرة من قبل الحكومة.
2- قوارب الموت
وفي حادثة أخرى خلال شهر فبراير عام 2018 غرقت في نهر مريج “عائشة عبد الرزاق” مع طفليها “أنس” ذي 11 عاما و”خليل منير” ذي 3 أعوام عند محاولة الهروب إلى اليونان. كانت “عائشة” مدرسة فُصلت من عملها، ولم تكتف الحكومة بهذا الفصل، بل ألغت رخصة التعليم الخاصة بها شأنها شأن سائر المعلمين والمعلمات الذين فصلتهم، والذين بلغ عددهم حتى إصدار هذا التقرير 55 ألف معلم ومعلمة.
والجدير بالذكر أن القارب الصغير الذي كان يقلهم كان به 8 أشخاص، شخص واحد فقط هو من استطاع أن ينجو من الغرق بينما السبعة الآخرون، رجلان وامرأتان، وثلاثة أطفال ماتوا جميعًا غرقًا(19).
3- مراد فقد كل أسرته
أما “مراد أكتشاباي” فقد تم إنقاذه في شهر يوليو من عام 2018 هو وخمسة آخرون، بعدما غرق القارب الذي كان يقله مع زوجته “خديجة أكتشاباي” وأطفاله الثلاثة؛ “أحمد أسعد” ذي 7 سنوات، و”مسعود” ذي 5 سنوات و “أراس” ذي العام الواحد، أثناء محاولتهم الفرار من تركيا، حيث فقدهم جميعا مرة واحدة، في واحدة من أكثر الحوادث مأساوية (20).
4- شمل أسرة “أسماء” لم يلتئم
“أسماء أولوداغ” 35 عامًا، هربت إلى اليونان ومعها ثلاثة أطفال أعمارهم 3، و7، و10 سنوات لتلحق بزوجها في ألمانيا. كانت “أسماء أولوداغ” قد قضت ثلاثة أشهر معتقلة قبل أن تطلق السلطات سراحها لكنها بقيت تحت الإشراف القضائي، وكان زوجها قد سبقها إلى الهروب فانتقل من اليونان ليستقر بألمانيا. كانت الأسرة تحاول أن تُعيد لمّ شملها والإقامة في ألمانيا، لكن القدر لم يمهل “أسماء” حيث وافتها المنية بعدما عجزت أن تتحمل مشاق الرحلة، فأصيبت بصدمة قلبية فارقت على إثرها الحياة، ولم تتحقق أمنيتها في لم شمل أسرتها(21).
هذه هي بعض النماذج التي تم التعرف عليها من خلال البحث في هوياتهم، لكن هناك الكثيرين ممن غرقوا في نهر مريج دون أن تكون معهم هويات تدل عليهم، ودون أن يعلم أحد بمغادرتهم تركيا ومن ثم فليس هناك بلاغات عن فقدهم. يقول الدكتور “بافلوس بافليديس” الطبيب الشرعي في المستشفى العام في “أليكساندروبولي” والذي عمل في العديد من حالات المهاجرين المتوفين: “أكبر عدد من المهاجرين المدفونين المجهولين في اليونان ممن غرقوا في نهر مريج”(22).
خلال شهر فبراير من عام 2018 قُتلت 48 امرأة على يد رجال. وحسب تقرير آخر، أنه وفي خلال الثمان سنوات الماضية قُتل قرابة 2000 امرأة تركية. هذه الأرقام تُمثِّل فقط الحالات التي تم رصدها والتبليغ عنها.
لقد بلغ عدد الأتراك الذين لجأوا إلى أوروبا فقط 41.500 تركي خلال العامين الماضيين، ووفقًا لما تداولته الصحف اليونانية فقرابة 10 أتراك يعبرون نهر مريج إلى اليونان بصورة شبه يومية، وطبقًا للشرطة اليونانية فإن عدد الفارين إلى اليونان عبر نهر مريج وصل إلى 4000 تركي في شهر أبريل 2018.
الجدير بالملاحظة هنا أن الشرطة كانت قد أصدرت تقريرًا في مارس 2018 صرحت فيه بأن عدد الفارّين الأتراك بلغ 1.262 تركيًّا، مما يعني أنه خلال شهر واحد فقط قد فرّ قرابة 2.738 مواطنًا تركيًّا من بلادهم بطريقة غير شرعية معرضين أنفسهم وعائلاتهم لخطر الموت، هربًا من التعذيب النفسي والبدني والازدراء داخل بلادهم(23).
5- عبور النهر سباحة
في بعض الأحيان قد يدفع الشخص حياته أو حياة زوجته أو أبنائه ثمنًا للهروب ولكن حتى هذا الثمن الباهظ تكون له تكلفة مادية، فبعد أن قررت “ز.ج” هي وزوجها “أ.ج” الهروب إلى اليونان تواصلوا مع أحد المهربين الذي اتفق معهم على2.500 يورو تكلفة تهريب الفرد الواحد خارج الحدود. ورغم صعوبة تدبير مثل هذا المبلغ عليهما، فإنهما جمعا كل مدخراتهما من أجل الفرار بأنفسهما، فقد باتا مقتنعين بأن الحياة في تركيا أصبحت مستحيلة، وبعدما دفعا للمهرب كل ما يملكونه إذ به يتركهم في وسط النهر ليمضوا الليل كله في إحدى الجزر الصغيرة التي تبعد عن اليونان مسافة 30 مترًا وفي الصباح قرر الزوجان أن يعبرا النهر سباحة(24).
أحجمت وزارة العدل التركية حتى الآن عن تقديم إحصاءات دقيقة عن عدد النساء المحرومات من حريتهن، رغم الطلبات المتكررة التي قدمتها عديد من المنظمات والهيئات المعنية بحقوق المرأة.
6- المعاناة لا تنتهي في الخارج
إن هؤلاء الفارين يجدون أنفسهم في بلد آخر يختلف في ثقافته عن بلدهم، وفي بعض الأحيان يتوجب عليهم التقدم بطلب اللجوء في إحدى الدول، ويمضون فترة من شهرين إلى ثلاثة شهور في مخيمات إيواء اللاجئين، في وقت يفتقدون فيه فُرَص العمل وليس لديهم موارد مالية، والمساعدات التي تقدمها لهم بعض الدول لا تكاد تفي متطلبات الحياة.
إن هؤلاء اللاجئين من النساء والرجال الهاربين من جحيم حزب العدالة والتنمية الحاكم، يظنون أنهم بهذا الفرار قد باتوا في مأمن من البطش والظلم، لكن السلطات التركية تأبى إلا أن تُضيّق عليهم الخناق في منفاهم الإجباري أيضًا. فالقنصليات التركية لا تقدم خدماتها لكل من تشتبه في أنه على علاقة بالخدمة، وتمارس السلطات التركية عن طريق عملاء لها في الخارج عمليات اختطاف قسرية، حيث تم تسجيل عدد من هذه العمليات لأفراد من الخدمة في 18 دولة على مستوى العالم(25). كما تمارس أنواعًا من الضغوط على عديد من الدول الضعيفة أو الصديقة لإعادة الأتراك المنتسبين للخدمة، وتقوم بملاحقات عابرة للقارات في قرابة 45 دولة.
وفي تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية خلال حديث له أجراه مع الصحفيين يوم 21 سبتمبر 2018 أكد على أن الحكومة “ستتوسع في عمليات الاختطاف غير القانونية هذه للمنتسبين للخدمة(26)، حتى من يقيم منهم في الولايات المتحدة”(27) -على حد تعبيره- متجاهلاً أن الولايات المتحدة دولة كبيرة وتحترم القانون على أراضيها.
إن النساء هن أكثر من يعانين في كل الأحوال، فهن يعانين سواء تم اعتقال أزواجهن أو هربن مع عائلاتهن أو تعرضن للتهديد والإبعاد والاضطهاد، أو هربن ووجدن أنفسهن في بلد مختلف يتحدث لغة لا يفهمونها فيصبحن غريبات داخل أوطانهن وخارجها.
أوضاع النساء داخل السجون التركية
في تركيا ستة سجون فقط خاصة بالنساء، ومع تزايد القمع والاعتقال المتزايد للنساء، لم تعد هذه السجون كافية لاحتواء هذا الكم الهائل من النساء المعتقلات، ما دعا السلطات إلى احتجاز النساء في سجون أُعدّت للرجال بصورة أساسية، وبالطبع فإن هذه السجون غير مجهزة لتلبية احتياجات النساء، وهو الأمر الذي يُمثِّل عقوبة إضافية تطبَّق على النساء، فضلاً عن أن أمن السجن يكون في يد الرجال غالبًا، بالإضافة إلى أنهن يتعايشن مع النزلاء من الرجال السجناء وهكذا تعيش النساء في بيئة خطرة حيث يكثر التحرش الجنسي بهن وأحيانًا يصل الأمر إلى درجة اغتصابهن.
أ- على النساء ألا يقاومن
بالرغم من أن سجن “سيليفري” المغلق رقم 9 قد صُمِّم خصّيصًا للسجناء من الرجال فقد تم احتجاز النساء السجينات فيه. ومما يثير التعجب ويدلل على مدى تدنّي القيم الدينية والإنسانية أن مأمور السجن يحرص على تذكير المحامين الذين يمثلون النساء بهذه الرسالة لإبلاغها للنزيلات: “أبلغوا السجينات ألا يقاومن، فهذا سجن للرجال، وأمن السجن من الرجال، ونحن غير مسؤولين عما يمكن أن يحدث”.
بـ- الاغتصاب والتحرش أدوات للتحقيق
بعد أحداث الانقلاب المزعوم تزايدت أخطار انتهاك حقوق الإنسان في تركيا، وتزايدت بصورة خاصة جرائم الاغتصاب، بل لقد سَجّلت منظمات حقوق الإنسان في تقاريرها المختلفة أن الاغتصاب والتحرش الجنسي يُستخدم في السجون كأحد أنواع التعذيب وبصور شائعة أثناء التحقيقات.
فقد صرح “نيلس ميلر” المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بمراقبة أعمال التعذيب وغيرها من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية بعد زيارته الرسمية الأولى لتركيا في نوفمبر 2016 قائلاً: “لقد حصلت أنا وفريقي على عديد من الشهادات المثيرة للقلق حول التعذيب وغيره من أشكال سوء معاملة السجناء الذكور والإناث الذين يُشتبه في أنهم أعضاء أو متعاطفون مع حزب العمال الكردستاني، كما رصدت التقارير الواردة التي اطلعنا عليها معظم حالات سوء المعاملة من جانب الشرطة التي تحدث أثناء الاعتقال، وكذلك أثناء الاستجواب للحصول على اعترافات قسرية. كما أفادنا عديد من النزلاء بأنهم اعتقلوا بناء على اتهامات كاذبة صدرت من متهمين آخرين وهم تحت التعذيب، كما اشتكى كثير من نزلاء السجون من المعاملة الوحشية والسلوك المهين المتبع معهم في أماكن احتجازهم الحالية، خاصة من قبل الحراس الذكور الذين يتحرشون جنسيًّا بالمعتقلات أثناء النقل، وينكرون حق الخصوصية أثناء الفحوص الطبية. ولكن هؤلاء الذين تحدثوا معنا عن سوء المعاملة أو ما تعرضوا له من تحرش لم يرفعوا قضايا ولم يسجلوا شكاوى، نظرًا لفقدهم الثقة في المنظومة القضائية، وخوفًا مما قد يتعرضون له فيما بعد من قِبل سجانيهم، وخوفًا أيضًا على أفراد عائلاتهم وأقاربهم وما قد يتعرضون له”(28).
تشير أدلة موثوقة إلى أن العديد من النساء المحتجزات في أعقاب محاولة الانقلاب يتعرضن بصورة روتينية للتعذيب وسوء المعاملة ويصل الأمر إلى حدِّ الاعتداء الجنسي.
جـ- رسالة عائشة نور باريلداك
من أشهر القضايا التي خرجت للعلن في هذا الصدد قضية عائشة نور باريلداك الكاتبة الصحفية بجريدة زمان اليومية، فقد سُجنت اعتبارًا من 11 أغسطس 2016 بتهمة لا دليل عليها، بسبب موقع التواصل الاجتماعي تويتر. أرسلت عائشة رسالة من السجن تم تسريبها إلى صحيفة يومية خلال شهر أكتوبر 2016، شرحت فيها أنها تعرضت لسوء المعاملة والتحرش الجنسي، كما ذكرت بعض أوضاع السجن وما يحدث فيه، وكان من بعض ما ذكرت محاولة قاضية سابقة الانتحار من خلال قطع معصميها نتيجة لما تعرّضت له من سوء معاملة، ولكن بعد ما نشرت الصحيفة اليومية رسالتها أمرت سلطات السجن بحبسها انفراديًّا لمدة 19 يومًا كاملة.
ذكرت عائشة في رسالتها أيضًا تعرض امرأة ستينية للتفتيش دون ملابس مرتين، وفي محاولة لتذكير الناس بقضيتها قالت في نهاية رسالتها: إنها تخاف من أن تُنسى داخل السجن.
وفي السابع من فبراير 2017 نشر الموقع الإخباري (TR724)، تقريرًا خاصًّا حول الاتهام الموجه إلى عائشة باريلداك وهو إهانة القضاة والمدعين العموميين. الغريب في الأمر أن القانون الجنائي التركي لا توجد به جريمة بهذا المسمى، كما أنها تواجه تهمًا بكتابة “قصص ذاتية” بالإضافة إلى تهم متعلقة بما تنشره على حسابها الشخصي بموقع “تويتر”، إلا أن المدعي العام فشل في التفريق بين الكتابة غير الموضوعية والكتابة من وجهة نظر ذاتية. الغريب أيضًا أن القانون الجنائي التركي لا يعتبر تلك الاتهامات من قبيل الجرائم.
كما صرح الموقع الإخباري بأن “عائشة باريلداك” حُبست حبسًا انفراديًّا لمدة 80 يومًا كاملة، ثم أصبح الحبس الانفرادي جزئيًّا؛ حيث يتم حبسها انفراديًّا من الساعة الخامسة مساءً حتى الصباح. كما تزايدت التهم الموجهة إليها حيث اتهمتها المحكمة بأنها أيّدت محاولة الانقلاب المزعومة من خلال حسابها على “تويتر”.
وفي الثاني من مايو لعام 2017 قضت المحكمة بإطلاق سراح “عائشة باريلداك” لعدم كفاية الأدلة الموجهة ضدها، ولكنها مُنعت من السفر وكان عليها أن تذهب إلى قسم الشرطة أسبوعيًّا لتؤكد على عدم سفرها، وبينما كانت عائلة “عائشة باريلداك” تنتظر إطلاق سراحها كاملاً، طالب مدعي عام أنقرة باعتقالها بدعوى أن هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (BTK) حصلت على أدلة جديدة ضدها، وقررت المحكمة اعتقالها قبل أن يطلق سراحها، الأمر الذي مثَّل صدمة كبيرة لعائلة عائشة باريلداك وأصدقائها، كما أثار قلقهم على تدهور الحالة النفسية لعائشة باريلداك.
د- حالات الانتحار داخل السجن
قدم حزب الشعب الجمهوري (CHP) استجوابًا برلمانًّيا لوزير العدل آنذاك “بكير بوزداغ” حول وفاة خمس نساء في ظروف مشبوهة داخل سجن “كوجالي” خلال النصف الثاني من عام 2016، ولم يتم فتح تحقيق حول سبب الوفاة(29).
1- حالة “سويم ج” 16 أغسطس 2016
كانت “سويم” قد قبض عليها في تحقيقات متعلقة بحركة الخدمة في مدينة “دنيزلي”، وأقدمت على محاولة الانتحار من خلال قطع عنقها بسكين في 16 أغسطس 2016، وكان الدافع لإقدامها على محاولة الانتحار هو عدم تقبلها فكرة القبض على زوجها(30).
2- حالة “مدينة أونل” 26 أغسطس 2016
حاولت “مدينة أونل” الانتحار عن طريق تناول جرعة زائدة من الدواء في 26 أغسطس 2016 بعد اعتقال زوجها “أوميت أونل” الذي كان يعمل مدعيًّا عامًّا، بتهمة وجود صلة مزعومة بحركة الخدمة (31).
3- حالة “ب.ن.م” 24 أكتوبر 2016
وهي طالبة في الثانوية العامة انتحرت بالفعل في 24 أكتوبر 2016 حيث قفزت من أعلى سور قلعة “بويبات” شمال تركيا، وطبقًا لما ذكرته التقارير الإخبارية، فقد انتحرت بسبب تعرضها لمضايقات في المدرسة نتيجة لاعتقال والدها تحت زعم ارتباطه بحركة الخدمة، وكان والدها قبل أن يتم اعتقاله قد فصل من عمله في مدرسة “الشهيد أرصوي جورسو الثانوية” بمدينة “بويبات” في الأول من سبتمبر 2016.
4- حالة “زهرا إبلي” 7 نوفمبر 2016
احتجزت زهرا إبلي بسجن “جبزه” للنساء وأنهت حياتها بإشعال النار في جسدها احتجاجًا على اعتقال السياسيين الأكراد بحسب ما ورد على لسان زميلتها في الحبس، وبحسب ما ورد في جريدة “ميلليت”، حيث تم اتهامها بأنها من أفراد حزب العمال الكردستاني (PKK)، وقامت السلطات التركية بفتح تحقيق حول حادثة وفاتها(32).
هـ- سوء الرعاية الصحية
أما عن سوء الرعاية الصحية وعدم تقديمها للسجينات كنوع من أنواع العقاب، ففي حالات عديدة كشف المحامون وأفراد عائلات الضحايا ونشطاء حقوق الإنسان مزاعم خطيرة، تتعلق بالتمييز وسوء معاملة النساء أثناء الحمل والولادة، ولا سيما فترة ما بعد الولادة. وتتراوح حالات التمييز وسوء المعاملة المزعومة بين القبض على النساء الحوامل، وحرمان النساء المحتجزات من الخدمات الطبية، واعتقال النساء مباشرة بعد الوضع.
وهذه الحالات المدرجة أدناه تُعدُّ أمثلة توضيحية لنمط واسعٍ من الانتهاكات الخطيرة لحقوق المرأة، الأمر الذي تؤكده أيضا تقارير وسائل الإعلام بما في ذلك وسائل الإعلام الموالية للحكومة.
1- قضية فاطمة جوناي
في 28 يناير 2017 دخلت (فاطمة جوناي) مستشفى “جامعة باشكانت” للتعليم والأبحاث في مقاطعة أنطاليا الجنوبية، وهي ربة بيت احتُجِز زوجها. وأثناء وجودها بالمستشفى لإجراء عملية الوضع طلبت الشرطة من المستشفى إخراجها حتى يمكن احتجازها واقتيادها إلى مركز الشرطة للاستجواب، وفي صباح اليوم التالي لوضعها لطفلها احتجزت بالفعل، بموجب قوانين مكافحة الإرهاب واتُهمت بارتباطها بحركة الخدمة. ثم أعيدت إلى المستشفى في اليوم التالي بعد صدور تعليمات قضائية بإعادتها للمستشفى ووضعها تحت الحراسة القضائية.
2- قضية فاطمة كايا
وضعت (فاطمة كايا) وليدها في جنوب مدينة “مرسين” في 30 ديسمبر 2016. وفي 3 يناير 2017 نقلت إلى المستشفى بسبب نزيف ما بعد الولادة، وبعد أن دخلت المستشفى داهمت الشرطة جناح الطوارئ وقاطعت علاجها واحتجزتها واقتادتها إلى مقر الشرطة لاستجوابها بأمر من المدعي العام (تانسل شون)، الذي أمر بفصل الطفل عن الأم وسمح لها فقط بالتواصل مع الطفل في فترات محددة للرضاعة الطبيعية، رغم تأكيد الأطباء على أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل، بسبب معاناة المولود الجديد من الصفراء. كما حُرمت السيدة (كايا) من الدواء أثناء احتجازها، وظلت تعاني من مشاكل صحية حتى بعد إطلاق سراحها بسبب انقطاع علاجها.
3- قضية فيليز ياووز
في 7 فبراير 2017 كانت (ياووز) في جناح التوليد بمستشفى جنوب مقاطعة مرسين، واقتادتها الشرطة إلى الحجز بعد ثماني ساعات فقط من الولادة، لتنقل على كرسي متحرك من المستشفى إلى مركز الشرطة حيث تم استجوابها. الجدير بالذكر أن (ياووز) كانت من بين 150 ألف موظف حكومي فصلتهم الحكومة بسبب صلات مزعومة بحركة الخدمة. أما عن الوضع الحالي للسيدة فلا توجد أي معلومات عنها.
4- قضية مروة آيدانيز جوكيلماز
مروة تعمل طبيبة وكانت حاملاً في نهاية شهرها الثامن، وفي الرابع من شهر مارس 2018 قامت السلطات باعتقالها، وتم إجراء تحقيقات معها بتهمة استخدامها تطبيق بايلوك للتواصل الاجتماعي، ثم احتجزتها السلطات التركية في سجن “باكيركوي” حيث الازدحام الشديد، وقد أصيبت بأحد الفيروسات، حتى كادت أن تضع حملها، ولكنها وضعت الطفل في النهاية بالسجن. الجدير بالذكر أن “مروة” قد اعتقل زوجها أيضًا، وهو الآن معتقل في سجن أزمير(33).
5- قضية أمينة آي
هي امرأة في شهرها الرابع من الحمل، ألقت السلطات القبض عليها وعلى زوجها واعتقلا في سجن مدينة غازي عنتاب في الرابع من يوليو 2018، ثم أُُرسل زوجها بعد ذلك إلى سجن مدينة “أدي يمان”، أما هي فاقتيدت إلى سجن مدينة “بتليس” قسم الإرهاب لأنها استخدمت تطبيق “بايلوك” للتواصل الاجتماعي. “أمينة” لديها طفلة عمرها ثلاث سنوات تقوم برعايتها داخل السجن، أما ابنها الأكبر ذو السبع سنوات فيرعاه عمه، ولكنه نتيجة للأحداث المؤسفة التي مرت بهم أصبح يعاني من مشاكل نفسية كثيرة(34).
6- قضية حليمة جولسو
اُعتقلت “حليمة جولسو” هي ومجموعة من السيدات الأخريات اللاتي كن يقدمن مساعدات غذائية؛ حيث كن يصنعن الكفتة ويوزعنها على عوائل وأطفال المعتقلين من حركة الخدمة. “حليمة جولسو” كانت مريضة، وزادت معاناتها في المعتقل بسبب ما تعرضت له من تعذيب، وبعد طول معاناة في المعتقل، مع الحرمان التام من أدويتها، وما يلزم من رعاية صحية قضت نحبها.استدعت الشرطة عائلتها لتتسلمها جثة هامدة في 20 فبراير 2018 بمدينة مرسين جنوبي البلاد.
و- أطفال معتقلون مع أمهاتهم
هناك قرابة 710 طفلًا، 64% منهم لم تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات في السجون مع أمهاتهم(35)، الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 عامًا أعدادهم تصل للآلاف داخل السجون التركية، الأمر الذي يسترعي الانتباه إلى أحوال الأطفال وحقوقهم المفقودة، وكيف يؤثر هذا على صحتهم النفسية وعلى صحة أمهاتهم أيضًا، ولأهمية حقوق الأطفال سنتناول حقوق الأطفال في تقرير مستقل.
ز- اعتقال النساء لتخويف ذويهم
يستهدف اضطهاد المرأة من خلال إساءة استخدام نظام العدالة الجنائية جميع الفئات العمرية من سن 18 إلى 86 سنة، ويهدف أساسًا إلى خلق جو من الخوف والترهيب، مما ييسر حملة الحكومة المنظمة ضد السياسيين والمعارضين بوجه عام. كما يستهدف الاضطهاد شريحة من المتعلمين تعليمًا عاليًا بين النساء منهن الأكاديميات والمعلمات والطبيبات والقاضيات. ويتم احتجاز النساء بصورة متزايدة لـ”إقناع” أزواجهن الهاربين من الاضطهاد بتسليم أنفسهم إلى الشرطة أو احتجازهم للتوقيع على شهادات كاذبة.
وزارة العدل تتعمد طمس الحقيقة
أحجمت وزارة العدل التركية حتى الآن عن تقديم إحصاءات دقيقة عن عدد النساء المحرومات من حريتهن، رغم الطلبات المتكررة التي قدمتها عديد من المنظمات والهيئات المعنية بحقوق المرأة. وكثيراً ما تدعي الحكومة أنه لا توجد بيانات محددة عن عدد النساء في السجون، أو عن كيفية وضعهن في سجون الرجال، وتدعي أيضا أنها بحاجة إلى العمل على عدة قواعد بيانات لتجميع هذه الأرقام(36). ولكن يبدو أن الحكومة تخفي عمدًا معلومات عن هذه المسألة.
كلمة أخيرة
إن تركيا التي كانت تنتظر لأكثر من عقد من الزمن أن تنتمي إلى الأسرة الأوروبية ويمارس فيها المواطنون حقوقهم الديمقراطية والسياسية والإعلامية بكل حرية باتت اليوم أكبر سجن للحريات وبات علماؤها ومثقفوها ونخبها وإعلاميوها، يظهرون في وسائل الإعلام مقيدي اليدين كالقتلة والمجرمين يستوي في ذلك الرجال والنساء.
وهذا التردي في الحقوق والحريات وضع تركيا في أدنى مرتبة بالنسبة لحقوق المرأة؛ فوفقًا لاحصائيات تقرير معهد (GIWPS) فإن تركيا قد احتلت المرتبة 105 في مجال حقوق المرأة، حيث لاتنال المرأة حقوقها وتتعرض للتمييز كثيرًا”
كما أشار التقرير أيضًا إلى مقولة لرئيس الدولة التركية، رجب أردوغان، التي قال فيها: “لايمكنكم المساواة بين الرجل والمرأة، هذا مخالف للفطرة البشرية”. وهذا يدل على عقلية السياسة الحاكمة لتركيا تجاه المرأة”(37).
والعجيب أيضًا أن هذه العقلية التي تقود تركيا الآن وتنظر إلى المرأة نظرة دونية بحجة أن هذا أمر ديني لا تطبق التعليمات الدينية “التي تؤمن بها” في احترام المرأة حتى في حالة الحرب، إذ تًحرّم المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، وتطبق هذا المبدأ (المساواة) في الاضطهاد والتنكيل ليس على المرأة فقط بل على كافة قطاعات المجتمع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) OHCHR, Report on the human rights situation in Southeast Turkey, July 2015 to December 2016, para 14.
(2) http://www.hurriyetdailynews.com/opinion/melike-karakartal/hypocrisy-on-womens-rights-in-turkey-128583
(3) http://www.hurriyetdailynews.com/nearly-2-000-women-killed-in-eight-years-in-turkey-123079
(4) https://www.boell.de/en/2017/11/02/violence-against-women-turkey-looking-where-others-look-away
(5) https://www.dailysabah.com/turkey/2018/01/02/violence-against-women-rises-sharply-in-turkey-409-women-killed-in-2017
(6) https://stockholmcf.org/report-on-violation-of-women-prisoners-rights-turkish-jails-turned-into-prisoners-camp/
(7) https://www.middleeasteye.net/neاws/out-sight-out-mind-erdogan-asks-media-ignore-domestic-abuse-499406044
(8) https://nakedbana2.wordpress.com/2016/04/19/women-rights-in-turkey/#_ftn18
(9) https://www.superhaber.tv/24-haziran-seciminde-kadin-milletvekili-sayisi-kac-oldu-hangi-partide-kac-kadin-vekil-var-haber-119265
(10) https://mondediplo.com/2018/04/05turkish-repression
(11) https://hizmetnews.com/22954/disabled-teacher-husband-removed-job-brothers-arrest/#.W7xvzGhKhPZ
(12) https://hizmetnews.com/24127/turkish-govt-detains-70-women-alleged-financial-support-jailed-gulen-followers/#.W7xxxGhKhPY
(13) https://ahvalnews.com/tr/ohal/ohal-kalkti-ama-kapiyi-calan-postaci-olmayabilir
(14) https://twitter.com/AlsharifSKY/status/1060272139612360704
(15) https://ahvalnews.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%88%D8%B1-%D8%A8%D8%A5%D9%86%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D9%84%D9%86-%D9%8A%D8%BA%D9%8A%D9%91%D8%B1%D9%87-%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A6/%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA
(16) http://www.bbc.com/arabic/resources/idt-sh/erdogans_turkey_arabic
(17) Source: TurkeyPurge, http:/ْ/turkeypurge.com/men-accused-of-attempting-to-rape-6-teachers-we-thought-they-were-gulenists.
(18) https://stockholmcf.org/turkish-family-of-five-got-drowned-in-aegean-sea-as-trying-to-flee-from-erdogan-regimes-persecution/
(19) https://turkeypurge.com/teacher-2-children-dead-while-4-others-missing-after-failed-attempt-to-escape-turkeys-post-coup-crackdown-to-greece
(20) https://www.politurco.com/another-family-has-gone-missing-in-evros-river-trying-to-escape-from-erdogans-persecution.html
(21) https://hizmetnews.com/24317/gulen-linked-woman-dies-in-greece-as-she-waits-to-join-husband-in-germany/#.W72152hKhPY
(22) https://www.icrc.org/en/document/tragedy-evros-perilous-river-crossing-greece
(23) https://www.politurco.com/turkish-refugees-crossing-evros-river.html
(24) https://hizmetnews.com/24359/heartbreaking-stories-of-turkish-refugees-in-greece/#.W73Qc2hKhPZ
(25) https://www.presstv.com/DetailFr/2018/04/05/557542/Turkey-coup-Gulen-Erdogan-US-arrests
(26) https://hizmetnews.com/23888/foreign-affairs-turkish-governments-global-purge-targeted-opponents-least-46-countries/#.W74OdmhKhPY
(27) https://stockholmcf.org/turkish-govt-says-operations-targeting-gulen-movement-could-extend-to-us/
(28) OHCHR news, Preliminary observations and recommendations of the United Nations Special Rapporteur on torture and other cruel, inhuman and degrading treatment or punishment, Mr. Nils Melzer on the Official visit to Turkey – 27 November to 2 December 2016, December 2, 2016.
(29) http://stockholmcf.org/wp-content/uploads/2017/03/Suspicious-Deaths-And-Suicides-In-Turkey_22.03.2017.pdf.
(30) This case was first reported by the Stockholm Center for Freedom. http://stockholmcf.org/wp-content/uploads/2017/03/Suspicious-Deaths-And-Suicides-In-Turkey_22.03.2017.pdf.
(31) This case was first reported by the Stockholm Center for Freedom. http://stockholmcf.org/wp-content/uploads/2017/03/Suspicious-Deaths-And-Suicides-In-Turkey_22.03.2017.pdf.
(32) This case was first reported by the Stockholm Center for Freedom. http://stockholmcf.org/wp-content/uploads/2017/03/Suspicious-Deaths-And-Suicides-In-Turkey_22.03.2017.pdf.
(33) https://www.turkishminute.com/2018/08/17/pregnant-women-children-subjected-to-severe-rights-violations-in-turkeys-prisons/
(34) https://www.turkishminute.com/2018/08/17/pregnant-women-children-subjected-to-severe-rights-violations-in-turkeys-prisons/
(35) https://ahvalnews.com/human-rights/babies-behind-bars-children-struggle-turkish-prisons
(36) Turkish Parliament Human Rights Commission Subcommittee meeting, (2016, January 28), https://www. tbmm.gov.tr/develop/owa/komisyon_tutanaklari.goruntule?pTutanakId=1546.