البقاء أنانيًّا ليس إلا تعبيرًا عن رؤية الحق دون إدراكه وفهمه، وعدم قطع أي مسافة في طريق اللانهاية، بل البقاء في المكان نفسه معصوب العينين. والذين يفكرون دائمًا وأبدًا في نطاق الأنانية، ويقومون ويجلسون بها، ويبحثون عما يبحثون عنه في إطارها لن يتقدموا خطوة واحدة إلى الأمام وإن مشوا سنوات وسنوات وقطعوا الفيافي والقفار.
حبوط الأعمال
الأعمال المنفذة حتى وإن كانت أشق الأعمال وأكثرها إرهاقًا إن عملت من أجل الأنانية لم تعد فضيلة على الإطلاق، ولم تحز على القبول الإلهي. والذين يعجزون عن تجاوز أنفسهم، ولم يمزقوا أنانيتهم والمحرومون من البصيرة… حبطت أعمال هؤلاء.. وحرموا من كل شيء، حتى أن كل أعمالهم وتضحياتهم تذهب هباء منثورًا.
صفة شيطانية
لما كانت الأنانية صفة شيطانية، فإن مصير المنخدعين بها هو مصير الشيطان نفسه دون شك. بل إن دفاع الشيطان ومعذرته لم تكن إلا نغمة أنانية. فالنبي آدم عليه السلام عندما هفا هفوة، أطلق دموع الندم والتوبة، ورجع إلى الله واستغفره، بينما نرى في كل كلمة من كلمات اعتذار إبليس عنادًا وغرورًا وعدم احترام وعدم توقير.
منشأ الأنانية
قد تنشأ الأنانية من العلم، أو من الثروة والسلطة، أو تنبع من الذكاء، أو تتضخم بالجمال… وهناك أنواع أخرى. ولما كان الإنسان لا دخل له في إيجاد هذه الصفات، ولذا فأي ادعاء أو دعوى تكون وسيلة لغضب حق صاحب الملك الحقيقي وجلب لسخطه، وتؤدي في النهاية إلى هلاك أرواح هؤلاء المغرورين.
الأنانية الجماعية
عندما تتضخم الأنانية الفردية والشخصية إلى أنانية جماعية نراها تتضخم وتأخذ شكلاً عدوانيًّا. وتبدأ هذه الأنانية المتوحشة بتحويل كل شيء-حتى الأمور الخيِّرة- إلى غيوم سوداء تقوم بإمطار كل ما عرفه البشر من شرور.
أجل! فالعلم يكون في يد هؤلاء ضياء كاذبًا ووسيلة للثروة والغرور والمظاهر، والقلب جحرًا للأفاعي والحيات، والجمال فتنة للآخرين وضررًا، والذكاء وسيلة للضحك على الذقون.