Reader Mode

سؤال: كيف نوفَّقُ إلى خِدمة الإسلامِ مع ما يُناصَبُهُ من عداءٍ عالميّ، وما هو طريق الكفاح؟

الجواب: إن الظروف الحالية تجعل للنضال والكفاح معنى آخر، ومستندنا في هذا فهم بديع الزمان نفسه، يقول: “الظهور على المدنيّين إنما هو بالإقناع لا بالضغط والإجبار”([1])؛ إذًا نتوقع أن تُسْتَثمر الأرضية الديمقراطية القائمة والحقوق والحريات الديمقراطية، ويختارَ الناسُ الإسلام بمحض إرادتهم مثلما اختاره سادتنا خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم جميعًا، ويقيننا أن هذا الطريق هو الأسلم والأَدْوَم.

أما عن القسم الأول من السؤال فإن الله الذي أخرج الأشجار السامقة من نواة صغيرة، ينشر رحمته ودعوته القدسية في أنحاء المعمورة كلّها مستخدمًا وسائل بسيطة جدًّا، وإن في قولنا “وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”([2]) بعد الصلوات الخمس إعلانٌ بأن قدرته وسعت كل شيء، ولا شكّ في هذا ولو مقدار ذرة؛ فلنكف عن الكلام في المسلَّمات.

إنَّ لنا أفقًا فكريًّا: “إننا فدائيّو المحبة، ولا وقت لدينا للخصومة”؛ لا ذِكْرَ في أحاديثنا لجرحى أو قتلى السيوف والخنجر والقوس المشدود والسهم المرسل، وإنما نتحدث عن البعث والإحياء.

أجل، على هذا الفهم تربينا، ولما قيل لواحد من أهل القلب: “اُذكُر الله” قال: “وهل نسيته لأذكره؟!”، وقد قرّرْنا بدايةً أن مسألتنا هكذا.

أجل، إنَّ لنا أفقًا فكريًّا: “إننا فدائيّو المحبة، ولا وقت لدينا للخصومة”([3])؛ لا ذِكْرَ في أحاديثنا لجرحى أو قتلى السيوف والخنجر والقوس المشدود والسهم المرسل، وإنما نتحدث عن البعث والإحياء كما قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾(سُورَةُ الأَنْفَالِ: 8/24)، وندعو الناس إلى الله ورسوله، ونقول: “من استجاب لهذه الدعوة فلن تحيي موَاتَ جسمه فحسب، بل ستحيي وتخلّد موات القلب والروح أيضًا”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1] ) بديع الزمان سعيد النُّورْسِي: سيرة ذاتية، الحياة الأولى، ص 116.

([2] ) انظر: سنن الترمذي، الدعوات، 36؛ سنن ابن ماجه، المناسك، 84.

([3] ) بديع الزمان سعيد النُّورْسِي، سيرة ذاتية، الحياة الأولى، ص 54.

المصدر: فتح الله كولن، الموشور، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ1، 2015، صـ232، 233.

ملاحظة: عنوان المقال من تصرف محرر الموقع.

About The Author

عالِم ومفكِّر تركي ولد سنة 1938، ومَارَسَ الخطابة والتأليف والوعظ طِيلة مراحل حياته، له أَزْيَدُ من 70 كتابا تُرْجِمَتْ إلى 40 لغة من لغات العالم. وقد تَمَيَّزَ منذ شبابه المبكر بقدرته الفائقة على التأثير في مستمعيه، فدعاهم إلى تعليم الأجيال الجديدة من الناشئين والشباب، وَبَذْلِ كلِّ ما يستطيعون في سبيل ذلك.

Related Posts