س: أنتم وأردوغان كنتما صديقين، وبشكل من الأشكال كنتما حليفين، وحركتكمأشبه ما تكون بحركة تربويّة، فما الذي دفعكم إلى السياسة؟ وما الذي حصلبينكم وبين أردوغان فعرقل استمراريّة صداقتكما كما كانت؟
ج: الحقيقة لم يكن هناك تحالف بيني وبين أردوغان في شكل تحالف سياسيّ. وعندما كان أردوغان يسعى إلى تأسيس حزبهم زارني مرة واحدة، وأنا تحدثت معه، والتقيت به مرة أخرى حينما كان رئيسا لبلدية إسطنبول، كنّا قد نظمنا آنذاك مباراة خيرية من أجل ضحايا حرب البوسنة والهرسك. التقيت أردوغان مرة أو مرتين آنذاك، لم يكن هناك أيّ تحالف بيننا، لكن الناس كانوا يعتقدون بأننا متحالفون. علاقتنا الحقيقية بهم علاقة مواطنة فقط، وهي علاقة مبنية على وعود قطعوها على أنفسهم للمواطنين أثناء تأسيس الحزب. فهم وعدوا الجميع بسيادة القانون وتطبيق العدالة، ووَعدوا باحترام الرأي الآخر ولو كان معارضا، ووعدوا باحترام الحريات الدينية، والانفتاح على العالم.
فبناء على تلك الوعود ساند محبونا وأغلبية الشعب التركي أردوغان كما ساندوا السياسيّين قبلهم مثل “سليمان دَمِيريل” رئيس الوزراء التركي الأسبق الذي ترأس مجلس الوزراء وأصبح رئيسًا لتركيا فيما بعد أو “طورغوت أُوزَالْ” والذي كان أيضًا رئيس وزراء ومن ثم أصبح رئيسًا لتركيا أو “بولنت أجاويد” الذي كان رئيس وزراء لدورة واحدة. فكل واحد من هؤلاء السياسيين تمكن من الحصول على دعم الشعب التركي في فترات مختلفة، بناء على وعود مماثلة قطعوها على أنفسهم للشعب التركي مثل تنمية الديمقراطية واحترام سيادة القانون وتوسيع نطاق الحريات الفردية إلخ. ما نلاحظه اليوم أننا لم نر من أولئك المسؤولين السابقين تلك المعاملة السيئة التي نتعرض لها اليوم من قبل أردوغان. لم نر من “سليمان ديميرال” ولا من “بولند أجاويد” هذا النوع من الابتزاز والقمع الذي يتعرّض له المواطنون في تركيا على يد أردوغان. فهذه تجاوزات لم نعشها قط في السابق.
من جانب آخر، لقد كنا داعمين ومساندين لأيّ إصلاح في الدستور يتم على أساس ديمقراطي. فمثلًا ساندتُ التعديل الذي جرى على الدستور عام (2010م)، وكان الهدفُ منه إدخال الديمقراطية على النظام القضائيّ، ولكننا لم نؤسّس أيّ حزبٍ سياسيّ، ولم نتصل بأيّ حزب، ولم نجعل من أنفسنا سياسيّين، ولكننا وببساطة كنا وما زلنا مدافعين عن المبادئ الفكريّة والقيم الأساسية التي نؤمن بها والتي تتمثّل في أربعة أسس رئيسية هي (القيم الإنسانية العالمية – والسلام العالمي – والتعايش – ومواجهة الفقر). هذه هي الأسس الرئيسة الأربعة التي تبنّيناها ولم نَحِد عنها. فلو كنا نرغب في مشاركة حزبية أو في مطالبة بمقاعد برلمانية أو مناصب حكومية لكنا فعلنا ذلك وتمكنا من ذلك، لكنّنا لم نرغب في ذلك أبدًا. هم من وضعوا خريطة البرلمان والتشكيلة الحكومية والدستور بالشكل الذي تمنّوه لأنفسهم، والعالم يشهد على كل هذا.
إذا أردت أن تناقش الانشقاقات الحاصلة والتفرقة الواقعة فإن سببها الأساس هو أن أردوغان وحزبه قد عدلوا عن كل الوعود التي قطعوها على أنفسهم للمواطنين في تركيا. إننا لم نغيّر مواقفنا ولم ننحرف عن القيم التي آمنا بها. هم من نكثوا عهودهم وخالفوا وعودهم، وهذا هو السبب في سحب دعمنا لهم.