إن نسل المصطفى صلى الله عليه وسلم استمر عن طريق أمِّنا فاطمة رضي الله عنها. هي نقيبة جميع الأولياء، وسيدة الأبرار والمقربين، هكذا تكون الأمومة، لم تحتمل مزيدًا من العيش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لم تحتمل فراقه، لا أعلم لها مرضًا، لم أُقرأ عن ذلك شيئًا في كتب السيرة، لم تكن تعاني من أي مرض، لكنها توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة يسيرة، طارت إلى أُفق روحها، أتذكرون ما قالته أُمُّنا فاطمة عند زيارتها للمرقد الشريف؟ مذا على من شمَّ تربة أحمد، ألا يشم مدى الزمان غواليا. هل يحتاج من شم تراب المرقد الشريف إلى أن يشم روائح طيبة أخرى طوال عمره؟ بعد ذلك تقول: صبَّت عليَّ مصائبٌ. كلمة مصائب ممنوعة من الصرف لكنها من شدة المصاب تنحل مفاصلها وتخرج على القاعدة اللغوية- نكتة دقيقة في التعبير- صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا.
إنها بهذه الرقة فداها روحي أماه، وعندما أقول “أماه” لا تظنوا أنني أدعي انتمائي إلى ذلك النسب. “ليتني كنت كذلك” ، لكنني أتشرف دائمًا أن أكون قطمير ذلك الباب، إنني أتوق إلى أن ألهث خلفهم، بل خلف مَن يسير في عِقِبهم، وأُعلن عن حبي العميق لهم من كل قلبي