كثيرًا ما لا تُؤتي الثورات التي تقوم في مجتمع ما أُكُلَهَا؛ إن لم يتم عملُ ما يلزم لها، ربما يضطلع الكثيرون بهذا الأمر بحسن نيّةٍ منهم، ولكن ليس بمقدورنا أن نجزم بالنتائج التي تسفر عنها هذه الأحداث العشوائية؛ ولذا تزداد مخاوفي وقلقي من هذه الحركات والأعمال التي تسيطر عليها العشوائية.. ولنرجع إلى موضوعنا الأصلي ونقول: إن هذا كله يرجع إلى غياب الوعي وعدم القدرة على استيعاب الأحداث، وتقييمها من غير رويِّة.. من هنا فإن الأعين الساهرة في المجتمع هي تلك الأعين التي تفطن إلى كلِّ هذا مسبقًا وتتخذ التدابير وفقًا لذلك..
إذًا فإن أهم وأوّل قضية لا بدّ من حلّها لإصلاح أيِّ مجتمع: هي إقامة روح الإيمان لدى الفرد مجدّدًا، وإعادة صياغته مرة أخرى.. وبعبارة أخرى: إن كان لا بدّ من تحقيق تغييرٍ حقيقيّ فلا بد من تناول المسألة بكلِّ جوانبها، فكما أن الجسدَ لا يستطيع أن يقوم بوظائفه على الوجه الأمثل إلا بوجود الحيوية في جميع أعضائه فكذلك إصلاح الحياة الاجتماعية يستلزم تناول هذه الحياة بكل جوانبها، فإن تجاهلتم ثغرة واحدة من الثغرات الواجب سدّها؛ هويتم على الأرض من فوركم دون وعيٍ أو شعور، وكأنَّ بكم عضوًا ما قد أُصيب بالشلل.
أجل، إن لم تُقيّموا الأحداث بمنطقٍ سليم ومحاكمة عقلية، وحكمةٍ وبصيرة، ولم تُخططوا لأعمالكم وحركاتكم وفقًا لهذا فلا شك في وقوع فوضى واضطرابٍ من جراء الأعمال والحملات التي تقومون بها.
ولذا علينا أن نُفكِّرَ بعمقٍ في كلِّ هذا ونقول في أنفسنا: ماذا، وكيف يجب أن نعمل؟ وما المخاطر التي تحيق بديننا وتديّننا وجيلنا ومستقبلنا؟ وهل حققنا الأمان في الطريق الذي نسلكه؟ وهل ثمة احتمالية من مواجهة المشاكل في الطريق الذي نسير فيه؟