هناك مظالم صارخة تتعرضون لها، يقترفون جرائم شنيعة في حقكم، يشرعنون لبعض المعاصي، يصفقون لحياة الانحلال، ويتغاضون عنها. يتسترون على جميع الانتهاكات، يتسترون على كل التجاوزات. يقطعون طريق أناس انتشروا في شرق العالم وغربه دون انتظار أي أجر دنيوي، انتشروا حاملين على كواهلهم الاسم النبوي الجليل كالعَلَم ليرفرف في السماء. يتم قطع طريقهم من قبل الأربعين حراميا، يهددونهم قائلين “لن نسمح لكم بأن ترفعوا ذلك العلم في كل مكان”، يريدون أن ينكّسوا ذلك العلم. يسعون إلى إغلاق المؤسسات التي يرفرف فوقها. نزغة شيطانية تحركهم، وأيّ نزغة!؟ أعتقد أن أشد الطغاة ظلما في التاريخ لم يرتكبوا هذا القدر من الجرائم التي تترك الحليم حيرانا.
رغم كل هذه التجاوزات، ينبغي الثبات على العمل دون كلل أو ملل ليبقى اسم الله الجليل والاسم المحمدي المبارك مرفرفا في السماء، لكي يرفرف ميراث ساداتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي كالعلم عاليا. ينبغي المثابرة والكفاح ببسالة لمنعهم من إنزال ذلك العلم. واصلوا في العمل كعهدكم دائما، لا عنف، لا غلظة، ولا أدنى انحراف لأي إرهاب. في المقابل إذا أزهقوا أرواحكم أو قتلوكم أو أذاقوكم أصنافا من القمع والتعذيب، فالصبرَ الصبرَ على ذلك كله بكل رضى مثل أصحاب الأخدود. إذا رموا بكم في حفر مظلمة أو حفروا لكم مقابر ليدفنوكم أو أعلنوا مقابركم مقابر ملعونة، فلا تلتفتوا إلى ذلك، بل قولوا “حسبنا أن آمنا بالله، حسبنا أن عرفْنا الله، حسبنا محبة الله، حسبنا الشوق إلى لقاء الله”، ولا تتوقفوا أبدا، بل اندفعوا كالجياد إلى الأمام، وحلقوا كالنسور في الأعالي، ارتقوا ثم ارتقوا نحو الآفاق دوما، ثم اهتفوا “ماذا بعد؟ ماذا بعد؟” كونوا أبطال “هل من مزيد؟” وأوصلوا الاسم المحمدي الجليل إلى أصقاع لم يصل إليها من قبل.
وعندما نقف بين يديه (ص) سنقول “لم تكن أنفاسنا تكفي إلا إلى هذا المدى يا رسول الله! توقفت قلوبنا عند تلك النقطة، انتهت أنفاسنا، فوقعنا هناك، حُصِدنا كما تُحصَد السنابل. لكنك تعلم يقينا، والله يعلم كذلك، أن الشوق كان يحدونا، والعزيمة تدفعنا لإيصال اسمك الجليل إلى كل أنحاء العالم”، فداء آلاف من أرواحنا لذلك الروح (ص) ولذلك الاسم النبوي المبارك.
لم يكن لنا همّ سِواه، لم يكن لنا قضية غير ذلك. لو كان، لامتلك ٩٩ بالمئة منكم ولو شاهد قبر في هذه الدنيا، أو لكان لديكم حتى كوخ تؤوون إليه على الأقل، لعلّقتم قلوبكم بأحد أو بعرض دنيوي ضمانا لمستقبلكم. ولكن أعلم يقينا أنكم لا تملكون أي شيء من عرض الدنيا، إذن قلوبكم متوجهة إليه سبحانه، هكذا عشتم وهكذا تعيشون. أسأل الله تعالى أن يديم ذلك التوجه ويزيده سعة وعمقا.