تشبّع بحب الله إلى حد الجنون، لا يغرينّك عنه حسن ولا يفتننك عنه جمال، اِرقَ على كل المعادلات وتسامَ على كل المقاييس، ارفع شعار الثورة ضد كل مألوف، واهتف كما هتف الرومي “هلمّ إليّ يا إنسان”، ثم ادفن نفسك في غياهب النسيان. ناد كما نادى بديع الزمان “وا إنسانيتاه”، ثم امضِ ولا تفكر بسعادتك الشخصية. أجل، اِنس رغد الحياة، انس البيت والولد، واسلك درب أهل السمو الواصلين لتكون من الناجين.
مجانينَ أريد، حفنةً من المجانين… يثورون على كل المعايير المألوفة، يتجاوزون كل المقاييس المعروفة. وبينما الناس إلى المغريات يتهافتون، هؤلاء منها يفرون وإليها لا يلتفتون. أريد حفنة ممن نسبوا إلى خفة العقل لشدة حرصهم على دينهم وتعلقهم بنشر إيمانهم؛ هؤلاء هم “المجانين” الذين مدحهم سيد المرسلين، إذ لا يفكرون بملذات أنفسهم، ولا يتطلعون إلى منصب أو شهرة أو جاه، ولا يرومون متعة الدنيا ومالها، ولا يفتنون بالأهل والبنين… يا رب، أتضرع إليك… خزائن رحمتك لا نهاية لها، أعطِ كل سائل مطلبه، أما أنا فمطلبي حفنة من المجانين… يا رب يا رب…