Reader Mode

شفقة الحبيب صلى الله عليه وسلم

لا ريب أن الشفقة بالأطفال لها مكانةٌ خاصّة في التربية، فقد كان نبيّنا صلوات ربي وسلامه عليه يعاملهم بشفقةٍ لا يجدون نظيرَها عند أبويهم.

يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: “خدمتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أفًّا قط، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلّا فعلت كذا؟ “[1].

أجل، كان يتعامل صلى الله عليه وسلم مع خَدَمه بشفقةٍ تفوق شفقةَ ومعاملة الأب والأم، أما مع أبنائه وأحفاده فكان صلى الله عليه وسلّم رفيقًا شفوقًا ذا قلبٍ رقيقٍ حتى إنه لا يمكن لأحدٍ غيره أن يصل إلى هذا المستوى من الشفقة.

إن كان الأطفالُ لا بدّ أن يخافوا من شيء فيجب أن يخافوا من أن يفقدوا شفقة أبويهم عليهم لا من العصا والتهديد والتعذيب

أكبر عقوبة للطفل

إن كان الأطفالُ لا بدّ أن يخافوا من شيء فيجب أن يخافوا من أن يفقدوا شفقة أبويهم عليهم لا من العصا والتهديد والتعذيب، فإن أدرك الطفل أو شعر بأن عبوسَ أبيه وامتعاضَ أمه هما أعظم عقوبة؛ فهذا في ظنّي يكفي وزيادة، ومن الأهمية بمكانٍ أن يثق الطفل بكم، وأن يصدّق أنكم تشاركونه آلامه وأحزانه، اجلسوا معه عندما يبكي، وابكوا بصدقٍ لبكائه، وشاركوه على الأقل آلامه، وكما تبكي السماء ويهتز العرش على رحيل بعض الناس أظهِروا أنتم أيضًا تأثّركم بحالهم، وشاركوهم أحزانهم؛ وبذلك ترتقون إلى مرتبة أسمى في عيونهم، وكلّ ما تقولونه لهم وتحدّثونهم به سيؤثر فيهم وينفذ إلى قلوبهم فلا تستطيع أيّ قوةٍ أن تنزع مكانتكم منها، وكل ما تقولونه فيما بعد سيجد دومًا صداه في قلوبهم وضمائرهم.

أجل، لو فكرتم في تنشئة جيلٍ مثاليّ تنتظرون منه أن يمثّلكم في المستقبل على أكمل وجهٍ فلا سبيل إلى تحقيق هذه الغاية السامية إلا بهذه الطرق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] صحيح مسلم، الفضائل، 51.

المصدر: من البذرة إلى الثمرة، دار النيل للطباعة والنشر 2015 ص 97

ملحوظة: بعض العناوين وبعض العبارات من تصرف المحرر.