Reader Mode

في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى يكون القرآن عارًا ويتقارب الزمان وتنتقض عراه”[1].

وكلمة “التقارب” الواردة في الحديث تعني اقتراب شيئين من بعضهما، وهذا يشير من جهة إلى نسبية الزمان، ومن جهة أخرى إلى أن الأمور التي كانت تأخذ وقتًا طويلاً لإنجازها في العهود السابقة ستُنجز في وقت قصير. فمن المعلومات البديهية التي يعلمها الآن حتى الأطفال أن التقدم الصناعي والتكنولوجي جعلنا ندخل إلى عالم من السرعة المذهلة في كل ناحية من نواحي حياتنا، وكما يشير الحديث الشريف إلى هذا الأمر فإنه يشير من ناحية أخرى إلى وسائل النقل السريعة التي قرَّبت المسافات. كما أود الإشارة إلى مسألة يعرفها مَن يعمل في مجال علم الفلك والفيزياء الفلكية. وهي أن الأرض تأخذ تدريجيًّا وبمرور الزمن شكلاً بيضويًّا، وهذا التغيُّر ُيؤثِّر على الزمن وعلى ساعاتنا دون أن نشعر. وهناك معنى آخر أفهمه من هذا الحديث وهو: أن للزمن ماهية نسبية، ولكن مع هذا فأينما كان فالزمن هو زمن، فلو ذهبت مثلاً إلى برج الثور ونظرت من هناك إلى سحابة تبعد عنك أربعين مليون سنة ضوئية وتتحرك بسرعة 150 ألف كيلو متر في الثانية فستشاهد أزمانًا مختلفة.

ولو استطاع الإنسان يومًا الخروج خارج المجموعة الشمسية فلا شك أن المفهوم الحالي للزمن سينقلب عنده رأسًا على عقب. وهكذا فبواسطة كلمتين سحريتين وهما “تقارب الزمان” يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما سيحدث من تغيُّر في مفهوم الزمن عندنا.

ولنا أن نتساءل الآن: أمثل هذا القول قول بشر؟ من غير صاحب الزمان والمكان الذي يغيرهما بيد القدرة… من غيَّرَه كان يعلم مثل هذه الحقائق..؟ أكان هذا العلم ضمن قدرة شخصٍ أُمِّي عاش في بيئة أمِّيَّة؟ كلَّا طبعًا. فالله هو الذي علَّمه هذا مِنْ عِلْمِه، وقام صلى الله عليه وسلم بتبليغه لنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1] ) مجمع الزوائد، الهيثمي، 7/ 324

المصدر: فتح الله كولن، النور الخالد محمد صلى الله عليه وسلم مفخرة الإنسانية، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ8، 2013، صـ106/ 107.

ملاحظة: عنوان المقال من تصرف محرر الموقع.