ليس آدم عليه السلام هو المخاطب الوحيد في تَعَلُّم الأسماء، بل ربَّما كانت الإنسانية كُلّها من أولها لآخرها مخاطبة بهذا الخطاب. وما علّم آدم عليه السلام يُعد بمثابة نواة وبمثابة بذرة. فكما كانت جميع فصائل الدماء والأعراق مندرجة في صلبه، كان كل ما تم تعليمه له نواة وبذرة لجميع العلوم. وأصبحت وظيفة تطوير هذه النواة وتنميتها وتوسيعها ملقاة على عاتق الأجيال القادمة. وكما يمكن أن يكون هذا التعليم قد تم بالوحي الذي أوحاه الله تعالى للأنبياء، كذلك يجوز أنه حصل بدرج الله تعالى رغبة التعلم في فطرته وفي جوهره ولبّه استجابة لحاجاته، وأن هذه الرغبة والاستعداد النبوي السريع والكبير للتعلم قادته لتعلم الأسماء والمسميات كذلك. وعلاوة على هذا فهل كان الهدف مما عُلّم به آدم عليه السلام هو الوصول إلى هذه المعلومات عن طريق لغة من اللغات؟ أم كان ضمن ملاحظات على الطريق الموصل من الأسماء إلى المسميات ومنها إلى صاحب ومالك كل شيء؟ أم لتعليم العلاقات الموجودة الظاهرة منها والخفية في عالم الوجود؟ سواءً أكانت مجموعة المعلومات الملكوتية؟ أو كانت أسماء الملائكة أم أسماء بني الإنسان ومسمياتهم وأقدراهم ومصائرهم؟ كل هذه أمور فرعية لا نقف طويلاً أمامها.