من المهامّ التي تقع على عاتق الأبوين ضرورة أن يتحرّيا الحلال عند كسب الرزق، وأن يطعما أبناءهما رزقًا حلالًا طيّبًا، …ومن ثمّ فلزامٌ علينا أن نُطعم أبناءَنا والمنوط بنا رعايتُهم والعنايةُ بهم الرزقَ الحلال الطيّب، ولا نطعمهم حرامًا أو ما تشوبه الشبهة على اعتبار أنها بلوى عامّة؛ حتى وإن تغيّر الزمان وتبدّلت العصور وسلك الجميع في تحصيل الرزق سبلًا غير مشروعة، وإذا حصّلنا المال من الطرق غير المشروعة ثمّ غذّينا أبناءنا بهذا المال؛ سيُصبحون ذاتَ يومٍ مثل زقّومِ جهنم، يُصدّعون رؤوسنا ويسوموننا سوء العذاب.
إذا حصّلنا المال من الطرق غير المشروعة ثمّ غذّينا أبناءنا بهذا المال؛ سيُصبحون ذاتَ يومٍ مثل زقّومِ جهنم.
فإذا ما أدّينا المهام التي سردناها آنفًا؛ فمن المتوقّع أن يكون وليدُنا سعيدًا، بابُه مغلقٌ بقدرٍ ما دون التعاسة والشقاء، ولكن إن كان مأكلنا حرامًا ومشربنا حرامًا وملبسنا حرامًا وتسلل الحرام إلى كلّ جوانب حياتنا فربما يعني هذا أننا قد قضينا على احتمالية السعادة لوليدنا.
أجل، إن طعِمنا حرامًا وشربنا حرامًا وغذّينا بالحرام فقد يتسلّط الشيطان على حياتنا الروحية، وفي الحديث: “إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ”[1]. أجل، إن الشيطان يجري في الأوردة الدموية للإنسان، ينفذ إلى كرياته الحمراء وكرياته البيضاء، حتى يسري بشروره إلى النسل والأنساب.
كلّ بذرة نزرعها إما أن تكون زقّومًا يسمّم الآخرين، أو شجرة مباركةً أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء
ومن هنا جاءت العناية بمأكل الطفل ومشربه وملبسه، وضرورة أن يتمّ كلُّ هذا في الدائرة التي شرعها الدين، مع تجنب الحرام في المأكل والمشرب والملبس.
…لذا علينا أن نعلم بالتأكيد أنّ كلّ بذرة نزرعها إما أن تكون زقّومًا يسمّم الآخرين، أو شجرة مباركةً أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء، تُظلّل الإنسانية بثمارها وظلالها وأغصانها، وتَظلّ تخدم الأجيال المتلاحقة، وتُسهِم في سعادة الإنسان وإعمار الأرض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح البخاري، الاعتكاف11، الاحكام 21، الأدب، 121؛ صحيح مسلم، السلام، 23،24.
المصدر: من البذرة إلى الثمرة، دار النيل للطباعة والنشر 2015 ص 66/68
ملحوظة: بعض العناوين وبعض العبارات من تصرف المحرر.