﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾(الإِسْرَاء:13)
هذه الآية تذكّر الإنسان بصورة المحكوم عليه بالإعدام الذي يعلق على رقبته فرمان الإعدام وسببه وهو يساق إلى حبل المشنقة. ونستطيع ذكر بعض المسائل في تفسير هذه الآية:
الطائر المذكور هو عمل الإنسان وهو -كما ورد في الأحاديث النبوية- يظهر أمام الإنسان بشكل إنسان حسن الوجه إن كانت أعماله حسنة وبشكل إنسان قبيح الوجه إن كانت أعماله قبيحة.
إن أراد الله تعالى فضْح عبدٍ من عباده، أي أراد عقابه بسبب ما اقترفه من الآثام حسب ما تقتضيه العدالة، علق كتاب اعماله في عنقه وأفشى سره. أما إن أراد الصفح عن عبد من عباده ستره وستر ذنوبه ولم يظهرها لأحد.
وقد يقال -من وجه آخر- إن هذا الطائر المعلق في عنق الإنسان هو ضميره الذي لا يفارقه أبدا، والذي يحسه في اعماقه على الدوام والذي يظهر نفسه -كما يرد في التعبير الشائع- بـ “راحة الضمير”أو “عذاب الضمير”حسب ما يعمله من خير أو من شر. والخلاصة فإن قدر الإنسان المحاك حول ارادته النسبية والجزئية، وحظه وارتباط روحه بجسده كإرتباط الظل ببدنه… كله معلق في عنقه ومحمل على عاتقه، ويكون مصدر انشراح وفرح له، أو مصدر عذاب وألم لا يفارقه… لا يفارقه ويظهر يوم القيامة كسجل وككتاب يوضع أمامه ويقال له: ﴿اِقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ (الإسراء: 14). أما من يقرأ نفسه كل يوم ويحاسبها فانه سيكون آمنا مطمئنا يوم القيامة وهو يتوجه نحو الجنة ونحو رضوان الله تعالى لانه كان يحاسب نفسه في الدنيا. أما من فرط في محاسبة نفسه في الدنيا فانه سينذهل يوم القيامة ويقول: ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ﴾ (الحاقّة: 25-26).