سنصبر مهما كان حِملُنا. لا أعرف كم يمكن أن تحتضن الدجاجة الحضون، عشرين أو ثلاثين لا أدري. ولكن لو تحتها أربعون بيضة لبسطت أجنحتها عليها، ولأسرعت من دورانها فوقها، تحاول أن تدفئها، بلا حس، ودون أن تفقد بيضة واحدة، تبذل ما في وسعها لتُخرِج أربعين فرخا بعد عشرين يوما. تتألم تدور، تغفو تصحو، ولو نطقت بلسانها لقالت لأجنحتها: تَوسّعي أكثر ولا تشقّي عليّ.
هذا ما أرجوه منكم دائما. لا تتململوا من أي مهمة تودع بين يديكم، كونوا كهذه الدجاجة التي لا تشكو، بل تجهد نفسها وتئن لتُخرِج أفراخها، تلف وتدور حتى الرمق الأخير. تردد لِأمتْ ولتعشْ أفراخي. هذا ما أرجوه منكم. مكابدةَ أمٍّ تعاني وتتألم حتى الموت من أجل جنينها.
عندما تبلغون هذا الوعي، فلن تشعروا حينها بملل أو كلل مهما كثرت الأعمال أو شقّت. عرفتُ فيكم رجالا، يُمضون نهارَهم في المدرسة، ومساءهم في مدارسة العلم مع طلابهم، ينتقل الواحد منهم بين ثلاثة دروس في الليلة الواحدة. عرفت فيكم رجالا، كانت عيون الشر ترصد أبوابهم، لكنهم يفعلون المستحيل ويُدخِلون سبعين رجلا من الباب أو من النافذة، ولا يهملون درس ذلك اليوم أبدا. وإذا كنا اليوم حاضرين، وإذا كان هذا الخير موجودا، فالفضل يرجع إلى ذلك الإخلاص في تلك الأيام.