حاولنا خلال هذا الكتاب عرض الحقيقة الآتية: مهما تكلم بعض المحافل العلمية وبعض العلماء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، ومهما أبدوا من اهتمام ومهما ورد في بعض كتبهم أو في محاضراتهم فلا يوجد أي سند قوي ولا أي برهان أو حجة قوية في تاييد نظرية التطور. إذ لم يتم العثور على المتحجرات التي تربط الإنسان بالقرد. وتمت عمليات تزييف في بعض المتحجرات، كما جمعت متحجرات أخرى من أماكن مختلفة وأكملت فجواتها وأقسامها الناقصة بعمليات مونتاج. وعلم الجينات يرد مثل هذا الأمر.
إن تركيب جزيئات D.N.A وبنيتها تستوجب وجود علم وقدرة لانهائية وراءها، ولا تبقي أي فرصة أو احتمال لتكونها نتيجة المصادفات أو أي تدخل خال من الشعور والإدراك. وجميع ما زعم أنها أدلة لا تعدو أن تكون فرضيات أو تأويلات بعيدة ومصطنعة. وقد ملئت جميع الفجوات الكبيرة الموجودة في هذه النظرية بفرضيات خيالية. أما بعض المزاعم التي طرحت انطلاقاً من وجود بعض المشابهات فهي تقييمات وتفسيرات أخذت بنية الكائنات الحية بنظر الاعتبار وأهملت وظائفها في الحياة. لذا فهذه التقييمات والتفسيرات لا ترتقى إلى مستوى البراهين.
والشيء الحيوي في هذا الموضوع أن ما تم تقديمه كأدلة في هذا الصدد، إنما تم من قبل المؤمنين بهذه النظرية، لذا كان من الضروري فحص وتدقيق هذه المزاعم بأكملها. فكما أن المصادفات لا تملك أي موقع مهما كان صغيراً في هذا العالم، كذلك يستحيل قيام أي كائن حي بخلق نفسه بنفسه من العدم. والتجارب التي قام بها العالم الفرنسي باستور، وكذلك التجارب الأشمل التي تمت في هذا الصدد ردت ونقضت فكرة الظهور التلقائي للكائنات الحية. وحتى إن فرضنا المستحيل وظهرت فروق في كائن حي نتيجة بعض الشروط والظروف فهي لا تكون مستنداً أو سبباً للتحول إلى نوع آخر، كما لم يتم العثور على أي مثال على هذا. أي أن تلك الفروق كانت نتيجة سماح بنية وتركيب ذلك الحي لها.
وعلاوة على هذا فإن جميع الأديان السابقة، وجميع الأنبياء وجميع الكتب المقدسة تذكر بشكل واضح أن كل شيء -وضمنه الإنسان طبعاً- قد خلق من قبل الله تعالى. أي لا تفتح أي باب لقبول نظرية التطور.
إن هذه المسألة ليست من اختصاصي، وقد قمت فقط بشرح للخطوط العريضة والأساسية منها، وهي تحتاج إلى شرح تفصيلي أكثر. وأنا أضرع إلى الله تعالى مبدياً عجزي وفقري، وجاعلاً هذا العجز والفقر شفيعاً لي، وسائلاً المولى تعالى أن يوفق العلماء المختصين في هذا الموضوع لتناول هذا الموضوع بشروح أكثر تفصيلاً، ومن جميع جوانبه، لكي ينقذوا الأجيال من الانخداع بهذه النظرية التي تقدم على الدوام في سبيل إنكار الخالق. وأنا مطمئن بأنهم سينجحون في هذا. وأنا مقتنع بأنه قد آن الأوان لكي تؤلف الكتب التي تقول الحقيقة في هذا الموضوع، بدلاً من الكتب المؤلفة في الغرب من قبل الأوساط التي تؤمن بنظرية التطور.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.