اشحذوا إرادتكم رغم قسوة الطريق. لا تيأسوا أمام سطوة الأحداث وجبروتها. كثيرون هم من يسيرون بعض الشيء، لكن سرعان ما يهتزون مع أول محنة تداهمهم في منعطف ما، يضعفون، يخافون، يتذرعون بالحذر والحيطة والتيقظ، ثم يتنحون جانبا. يبتعدون عن كل منغّص، يفضلون السلامة، يخلدون إلى الراحة. لكن السلوك الصحيح ليس هذا. الحبيب المصطفى (ص) لم يفعل ذلك. أعوذ بالله من أسلك دربا لم يسلكه الحبيب المصطفى (ص). ذلك ليس احتياطا، بل تراجع. وليس حذرا، بل نكوص. وليس تيقظا، بل غفلة. بل إن فاجأتكم المخاطر في ألف منعطف فاثبتوا في مواقعكم، ورددوا معي هذه الكلمات، بل لحّنوها.
سلكنا دروب الشوك، إلى الوراء لا نرجع. لا أدري هل تصلح للتلحين؟ العبارة ليست أنيقة. لكنها تعبر عما أشعر به الآن. سلكنا دروب الشوك، عاهدنا الله، لن نتراجع قط، هذا نشيدنا، وإن فعلنا فلينادونا “خونة”. هذا عهدنا. عندئذ فقط نهزم المسافات، ونطوي الطرق، ونتجاوز جسورا يستحيل تجاوزها، عندئذ فقط تحني الجبال الأبيّة لنا هاماتها وتخضع لنا وتقول “اعبروا”. عندئذ فقط تغدو التلال سهولا، والسهول ممهدة، ولكن ينبغي عقد النية أولا. عاهدِ الله على عدم النكوص، رغم غدر الزمان، وخذلان الصديق، وجفاء العدو، وحقد أهل الجبروت، وليكن اسمك: “الذي لا يتراجع”.