المبلّغ سمح في أطواره، والحقيقة أن التسامح هو سعة الصدر وسعة أفق في النظر، وليس فيه معنى التنازل عن الدعوة ولا المداهنة قط. ولنوضح ذلك بمثال:
الكلام الذي نطق به الرسول الأعظم لكفار مكة الذين أخرجوه منها ومن آمن معه، بعد أن أذاقوهم صنوف العذاب، هذا الكلام رمز ساطع للتسامح، فقد سأل: “ما ترَون أني فاعل بكم؟” فأجابوه: “خَيراً أخٌ كريم وابن أخ كريم” فقال لهم ما قاله يوسف u لإخوته: ﴿لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾(يوسف:92). ولقد أظهر سيدنا يوسف التسامح على إخوته بينما الرسول أظهره حتى لأعدائه، ففاق كرمه كرم سيدنا يوسف.