سؤال: هل لجهنم دور في إصلاح وتهذيب أهلها؟
الجواب: جهنم دار جزاء؛ يُجازَى فيها المرء على الأعمال الطالحة، فينال جزاءه على ما اقترف من ذنوب وآثام في الدنيا.
فإن لم يصبر المؤمن في الدنيا على ما كلفه به ربّه، وعجز عن كسب الهوية والقابلية لدخول الجنة تحقق له ذلك بصورة ما في جهنم؛ أما مَنْ ضيّع قابليته واستعداده كلية بسبب كفره في الدنيا فسيفقد الخاصية التي تؤهله لدخول الجنة؛ لأنه لا يمتلك أصلًا ولو ذرة واحدة من تلك الخاصية؛ فتخمُّر شيء متوقف على قابليته للتخمُّر، وإن انعدمت انعدم التخمر.
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ”[1]؛ لأنَّ فيه جوهرة ثمينة قيمة تؤهله لدخول الجنة.
إذًا من عجز عن أن يُتمّ سيره ورُقيَّه فأمامه سير آخر يبدأ من القبر، تغشاه فيه سلسلة من صنوف العذاب والآلام.
فمن الناس مَن ينقضي أمرهم في القبر، فمثلًا يقول بعض السلف لمن رآه في المنام: عُذّبنا ستة أشهر وانقضى الأمر. فإن صدقت تلك الرؤى فالمقصود حساب المقربين.
ومن الناس من ينجيه عذاب القبر من وطأة الحساب والميزان؛ ويمضي آخَرون فيما هم فيه حتى المحشر، فيحاسبون فيه أو لا؛ ثم يدخل بعضهم جهنم -نسأل الله السلامة- فيتدارك ما فاته في الدنيا، يفعل الله بهم ذلك ثم يخرجهم، فيدخلون الجنة، ويقال لهم “الجهنَّميون”[2]؛ وبذلك يكونون قد حصلوا على ما كان يلزمهم الحصول عليه في الدنيا، فعادوا إلى فطرتهم الأصلية، فتطهروا من جديد وعادوا كما خُلقوا أولَّ مرة؛ فأخرجهم الله من جهنم وأَدْخَلَهم الجنة.
[1] صحيح البخاري، التوحيد، 19؛ سنن الترمذي، البر، 61 (واللفظ للترمذي).
[2] صحيح البخاري، الرِّقاق، 51.