الجهود التي تبذل لإحراز مستوى معين ليست سهلة. لكن الأصعب الحفاظ على ذلك المستوى. هذا ليس كبناء مسكن للاستقرار فيه، تضع لبنة فوق أخرى ثم تستقر فيه. أنتم تعملون مع الإنسان. وهذا الإنسان لديه استعداد للفساد في أي لحظة. تريدون إنجاز عمل مع بشر يسيرون خلف جبريل، فإذا بهم ينقلبون فجأة ليسيروا وراء الشيطان. التوقف انهيار. إن توقفتم في حياتكم الفردية ينهار كل شيء. إن توقفتم في حياتكم الاجتماعية ينهار كل شيء. إن توقفتم في حياتكم الخدمية ينهار كل شيء.
كم من أناس نجحوا كما نجحتم وأنجزوا خدمات جليلة. لكن خذلهم مَن خَلَفهم، لم يحافظوا على إنجازاتهم. فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. خلف هؤلاء الطيبين من أمثال حواريي سيدنا موسى، وحواريي سيدنا عيسى، وحواريي الرسول الأعظم من المهاجرين والأنصار، قومٌ لا جدية في صلاتهم، ولا صدق في علاقتهم مع الله، أسرى الهوى والشهوات، يعيشون من أجل إشباع أبدانهم وإرضاء أجسامهم. فتدحرجوا في مهاوي الغي والضلال.
من السهل أن تكونوا شيئا، ولكن الحفاظ على ذلك الشيء صعب جدا. قد تكونون من السابقين في الدعوة، فيأخذكم الغرور والتباهي، وتعملون على فرض أنفسكم على الآخرين. تقولون: ”على الجميع أن يسمعني ويطيعني“.
تعملون وتعملون لكن لا تبدو أي نتيجة في الأفق، تمشون وتمشون لكن لا يبدو النور في الطرف الآخر من النفق. تشعرون بالإحباط فترجعون القهقرى، بينما لم يبق سوى خطوة واحدة، صُرّوا على أسنانكم وتقدموا خطوة أخرى، فإذا بالنور أمامكم يحتضنكم، ويقول الله لكم ”مرحبا بكم“.
قد تهتز ثقتكم في لحظة ما عندما لا يؤدي عملكم إلى نتيجة. تقولون: ”ها نحن نعمل في الخدمة منذ سنين، نسعى نكدح، لكن أين النتيجة؟ ما لكم ولهذا؟ النتيجة ليست من مسؤوليتكم، وليست في وسعكم أصلا. النتيجة في ذمة الله. قوموا بواجبكم ولا تتدخلوا بشؤون الربوبية. يقول عملاق القرن (النورسي) أدوا وظيفتكم ضمن المقاييس المطلوبة ولا تتدخلوا في شأن الله. النتيجة ليست وظيفتنا. لكن الناس يخطئون غالبا. لذلك الحفاظ على الشيء بعد الحصول عليه صعب جدا.