نحن أحوج ما نكون إلى إحياء الليالي. نحن بحاجة إلى أن نخلو إلى الله. بحاجة إلى يقظة قلبية حقيقية عندما نقف بين يديه سبحانه. نحن بحاجة إلى أن نلح في عبوديتنا على معنى ”الإحسان“ الذي تعرفونه جيدا. نحن محتاجون إلى ذلك أشد الاحتياج.
إزاء هذه العواصف المهولة التي تعصف حولنا، إزاء تسوناميات متعاقبة، إزاء أعاصير مروعة، إزاء عجز الأشجار العملاقة عن الصمود وتهاويها أمامها، إزاء كل ذلك نحن بحاجة إلى أن نتمسك بأوامر الله بقوة وجدية أكثر. كما قال أحد العظام ”إن كنت تخشى عذاب الله فتمسك بأوامره. فالأشجار ترمي بجذورها في الأعماق لكيلا تنهار.
الأشجار القريبة من الماء لا تمتد جذورها في أعماق التربة، تنهار في الحال مع أدنى عاصفة. ينبغي أن تعمقوا العلاقة مع الله بلا توقف، كونوا مثل الأشجار الضاربة بجذورها في الأعماق. الذين يهاجمونكم اليوم يتعمقون في ممارسة العداء والظلم ضدكم، يتعمقون في حبك المكائد لإبادتكم؛ ما لم تواجهوهم بالعمق نفسه، ما لم تصمدوا، وتواظبوا على الصمود، تقذف بكم العواصف بعيدا، وتتناثرون كأوراق الخريف.
لقد شملكم الله بحفظه حتى اليوم، أسأله تعالى أن يديم حفظه عليكم. إذا بقيتم على هذ الإخلاص والتجرد، على هذا الأداء الرفيع، والسلوك العميق، والإيمان بهذا ”الحُلم الغاية“، والثبات عليه والتمسك به، فإن الله سيقابل كل خطوة إليه بخطوات، سيقابل المشي إليه بالهرولة.. تصنعون شيئا بحجم قطرة، فيجعلها عشر قطرات، بل مائة قطرة حسب إخلاصكم وعمق نيتكم.
احرصوا على العمق في العبودية، أعطوا الإخلاص عناية خاصة، الإخلاص يمنح العمقَ قيمتَه الحقيقية. ذرة من عمل خالص تَفضُل أطنانا من عمل بلا إخلاص. هكذا يقول الأستاذ النورسي. تحرّوا مرضاة الله في أعمالكم. إن رضي عنكم وقبل بكم واقتضت حكمته ذلك، يوجّه قلوب الناس إليكم بالقبول، حتى وإن لم تطلبوا ذلك. لتكن غايتنا الأساس في هذه الخدمة المباركة تحقيق مرضاته سبحانه لا غير. الأمر مكفول بعناية الله. فعلينا بالجد والإتقان، وعلينا كذلك بالإخلاص والتجرد.