إن موضوع المطالبة بتسليمي ليس أمرا جديدا ظهر بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، بل قام رئيس الجمهورية الحالي عقب فضائح الفساد في ديسمبر 2013 الذي كان حينها رئيسا للوزراء بمطالبة أمريكا علنا أمام حشود من مؤيديه بتسليمي لهم، ورغم مرور زمن طويل على هذه التصريحات الجماهيرية لم تتخذ الحكومة التركية أي إجراءات رسمية في هذا الشأن. وحسب ما أوردت بعض وسائل الإعلام فقد كان المسؤولون الأتراك في معظم لقاءاتهم التي تجمعهم مع نظرائهم الأمريكيين يبحثون معهم هذا الطلب، ويقدمون لهم بعض الحوافز لتحقيق ذلك، وأحيانا يربطون هذا الملف ببعض المصالح الاستراتيجية المشتركة. لكن المسئولين الأمريكيين لم يعيروا اهتماما لهذا الابتزاز، كما أن المنظومة القضائية هنا تعمل بشكل حيادي ومستقل، ولا تخضع لهذا النوع من الابتزاز والتهديدات. ولا أظن أن أمريكا ستغامر بسمعتها في ملفات حقوق الإنسان والعدالة لا سيما على أراضيها من أجل إرضاء رغبات شخصيات متقلبة كهذه.
لقد أرسلوا مؤخرا إلى هنا تقارير ملفقة تم ترتيبها في وقت مسبق تمتلئ بمزاعم لا دليل على صحتها. أعتقد أن المؤسسات القضائية تدرس تلك التقارير، وتناقش ما إذا كانت تتضمن وثائق جادة. ولكن أرى أن القناعة السائدة لدى المتابعين لهذا الشأن في أمريكا أنه لا يوجد أدلة مقنعة تقتضي تسليم العبد الضعيف لهم.
وأجدها مناسَبة لأكرر ما سبق ورددته سابقا في جميع لقاءاتي الإعلامية: لتؤسَّسْ لجنة دولية من قِبَل أطراف محايدة، تكون مهمتها التحقيق في ملابسات ما جرى في تركيا، على أن يوفروا لهؤلاء المحققين المناخ الآمن بحيث يضمنون سلامتهم الشخصية هم وعوائلهم، وساعتها سأرضى بكل النتائج التي تقرها اللجنة، وإذا كان من بينها إدانتي فسأعود بكل طواعية إلى بلادي مسلما نفسي للعدالة لتتخذ في حقي ما تشاء. وأعتقد أن هذا طريق أيسر من الضغوط وممارسة أساليب وطرق سياسية ملتوية.