Reader Mode

قال تعالى: “لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا” (النساء: 114)

توجد إرشادات عديدة في هذه الآية الكريمة متعلقة بالخدمات الدينية اليوم. ففي عهود كالعهد الذي نعيش فيه وفي العهود الأخيرة من تاريخنا القريب عندما تكون الدعوة إلى الإسلام وتبليغ رسالته الشافية للإنسانية صعبًا بسبب بعض العوامل السلبية، فإن هذه الدعوة وهذا التبليغ سيتم سرًّا وهمسًا، أي على قاعدة “وليتلطف”. وتذكر الآية الكريمة أعلاه بأن هناك أجرًا كبيرًا لمن يقوم بهذا. وكما هو واضح فالله تعالى يضع الثواب بشكل مطلق ودون أي تحديد لكي يثير أشواقنا وَوَجْدَنَا ويزيده كما جاء في الحديث القدسي حول الصوم “الصوم لي وأنا أجزي به”[1].

المشاعر السيئة والعادات الخبيثة والأفكار المنحرفة السوداء، والحيل المحبوكة ضد المؤمنين، والمؤامرات والدسائس المطبوخة تجاههم أمور سوداء منشأها ومولدها من الشر، لا ينفذ منها أي بصيص من الخير حتى لمن كان من ورائها من الأشرار لأنهم لن يستفيدوا منها. أما المشاعر الصادقة المخلصة كالأمر بالصدقة ونشر الخير والجمال والمعروف والإصلاح بين الناس فمشاعر مختلفة… ومن يفعل هذا وهو يبتغي بعمله وجه الله تعالى ورضاه ولا سيما في مثل هذه الظروف غير المواتية وغير الطبيعية والتي تقتضي السرية في أعمال الخير فإنه سيكافأ مكافأة عظيمة ويأخذ أجرًا كبيرًا. أولاً لعمله وثانيًا بالنظر للظروف غير الملائمة

أجل! يمكن تأسيس مؤسسات مدنية مختلفة غايتها تحصيل الرضا الإلهي لتحقيق هذه الأمور الثلاثة مع شروط وجود الشورى في هذه المؤسسات، لأن كل مسألة من هذه المسائل الثلاث لها أبعاد اجتماعية مهمة. وفي أمثال هذه المسائل التي تتعلق بقوانين المجتمع وحقوقه فإن من الحكمة اللجوء إلى حكمة الشورى التي أوصانا بها الرسولﷺ في جميع الأمور.

وعلى العكس من هذا، فإن على المؤمنين الحذر من أي تجمع غايته التهامس بالشائعات حول هذا أو ذاك، أو القيام بتشكيل جماعات سرية، والحيلولة دون تشكيلها إن أمكن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: فتح الله كولن، أضواء قرآنية في سماء الوجدان، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ6، 2012، صـ120/ 121.

ملاحظة: عنوان المقال من تصرف محرر الموقع.

([1] ) البخاري، الصوم، 2؛ مسلم، الصيام، 165.

About The Author

عالِم ومفكِّر تركي ولد سنة 1938، ومَارَسَ الخطابة والتأليف والوعظ طِيلة مراحل حياته، له أَزْيَدُ من 70 كتابا تُرْجِمَتْ إلى 40 لغة من لغات العالم. وقد تَمَيَّزَ منذ شبابه المبكر بقدرته الفائقة على التأثير في مستمعيه، فدعاهم إلى تعليم الأجيال الجديدة من الناشئين والشباب، وَبَذْلِ كلِّ ما يستطيعون في سبيل ذلك.

Related Posts